طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

أسئلة مجلة درنة

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى (    )

            السادة المحترمون/ مجلة درنة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر في كتابكم المتعلق بالأسئلة الآتية:

السؤال الأول:

حكم مخالفة اللوائح والقوانين

هناك بعض الجرحى من الثوار اصطحبوا إخوتهم وأصدقاءهم بأعداد كبيرة، ويأخذون منحا، ومنهم من أصبح سائحا في تلك الدول، فهل يحق لهم ذلك؟ وهناك بعض المواطنين لم يكونوا جرحى من الثوار، ولم يشاركوا في قتال الطاغية، ومع ذلك نجدهم يعالجون بصفتهم جرحى الثورة مع عائلاتهم فما حكمهم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالمرجع في من يستحق العلاج، وعدد الذين يرافقون المريض هو القانون، فإذا كانت لوائح العلاج بالخارج تجعل هذا الحق خاصا بالثوار الذين شاركوا في جبهات القتال، فلا يحق لغيرهم من الموظفين أن يشاركوهم، ويعالجوا باسم الثوار، وإذا حدد القانون مرافقا واحدا لكل مريض، فلا يجوز شرعا الزيادة على ذلك، إلا أن يذهب لحساب نفسه، ومن أخذ شيئا من مال الدولة مخالفا القوانين في الصورتين، فهو آثم، ويجب عليه رد الأموال إلى حساب الودائع الخاص بالخزينة العامة بمصرف ليبيا المركزي. والله أعلم.

السؤال الثاني:

حكم أخذ الرشوة على العلاج

هناك بعض الناس يتاجرون بالجرحى، ويأخذون نسبة من العلاج، فما حكمهم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فهذا العمل يعد من الرشوة السحت، ومن أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: )وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، وقال صلى الله عليه وسلم: “لعن الله الراشي والمرتشي” [رواه أبوداود]، ومن أخذ مالا على هذا الوجه، فيجب عليه ردّه إلى من أخذه منه، مع التوبة والندم والرجوع إلى الله. والله أعلم.

السؤال الثالث:

حكم استيلاء أراضي النظام السابق

بعض الثوار قاموا بالاستيلاء على مزارع وبيوت وأموال وسيارات كانت لرموز النظام السابق كغنائم، هل يجوز لهم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن مساكن رموز النظام السابق، وأراضيهم، وأموالهم، يرجع فيها إلى القضاء، فما حكم بردها إلى أصحابها ترد إلى أصحابها، وما حكم بمصادرته إلى الدولة تصادره الدولة، وتستعمله في مصالح الناس، بما تراه صالحا للعباد والبلاد، ولا يجوز لأحد أن يأخذ شيئا من هذه الأموال والأراضي والمساكن، وليس في القتال بين المسلمين غنائم، بل هي غلول، والله يقول: “ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة”. والله أعلم.

السؤال الرابع:

حكم الاستيلاء على السيارات الخاصة بالدولة

كثير من الثوار أخذوا سيارات الدولة والشركات الأجنبية، واستخدموها أثناء الثورة، ولم يتم إرجاعها، بل تم تمليكها وبيعها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمن أخذ سيارة من الدولة، وقاتل بها في الثورة، يجب عليه الآن ردها إلى أصحابها، سواء كانت للدولة، أو لشركات خاصة، ولا يجوز الاستيلاء على أموال الغير بحجج واهية. والله أعلم.

السؤال الخامس:

حكم التزوير

أعطى كثير من الثوار لأقربائهم بطاقات انتساب إلى الثوار، وهم ليسوا كذلك، فما حكم ذلك؟.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما فعله هؤلاء يعد من التزوير المحرم، قال الله تعالى: )فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ(، وقال صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر” ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: “الإشراك بالله، وعقوق الوالدين” وكان متكئاً، فجلس، فقال: “ألا وقول الزور، وشهادة الزور”، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت، [متفق عليه].

فيجب عليهم التوبة والتراجع عن فعلهم هذا، وذلك بسحب البطاقات من غير مستحقيها، وإبلاغ جهة الاختصاص بذلك، ومن أخذ مالا، ولا تنطبق عليه الشروط، يجب عليه رد الأموال إلى حساب الودائع الخاص بالخزينة العامة بمصرف ليبيا المركزي. والله أعلم.

السؤال السادس:

حكم المتاجرة بالسلاح

ما نصيحتكم لمن يحتكمون إلى السلاح في أي شجار بينهم؟ سواء كان بين الأفراد، أم بين الأفراد والدولة، كالهجوم على مقر رئاسة الوزراء، أم بين مناطق ومناطق أخرى؟

الجواب:

فإن الله عز وجل حرم على المسلمين إشهار السلاح فيما بينهم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا” [صحيح مسلم” 196]، بل عدَّ استخدام القوة في وجه المسلم وقتاله نوعاً من الكفر, قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “سِبَابُ اَلْمسلِمِ فُسُوق، وَقِتَالُهُ كُفر” [أخرجه أحمد 178/1ـ (1537)]، وحرمة دم المسلم أشد عند الله تعالى من حرمة الكعبة المشرفة، بل من الدنيا كلها, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِى قَيْسٍ النَّصْرِىِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: “مَا أَطْيَبَكِ، وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ، وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا” [أَخْرَجَهُ ابن ماجة (3932)]، وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا” [أخرجه النسائي 82/7].

فعلام يشهر المسلم السلاح في وجه أخيه؟ وعلام يستحل دمه؟ أيستحل دمه من أجل نتفة مال لا تساوي شيئا؟ فالواجب على المسلمين تقوى الله عز وجل، وتحكيم العقل، والحوار بينهم في كل أمر، ودفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر.

السؤال السابع:

حكم القتل العمد وحد الحرابة

تعرض موظفو نقل الأموال بمصرف شمال أفريقيا إلى جريمة بشعة، قتل على إثرها سبعة أشخاص، وقد تم القبض على الجناة، فما حكم الشرع فيهم؟

الجواب:

إذا ثبت تورطهم في ذلك، فهم من المفسدين في الأرض، ويطبق عليهم حد الحرابة، الوارد في قوله تعالى: )إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ[، ولكن من ينفذ الحكم في ذلك هو الدولة، ولا يجوز للأفراد إقامة الحدود بأيديهم، بل هذا الأمر من اختصاص ولي الأمر. والله أعلم.

السؤال الثامن:

مراجعة القوانين المخالفة للشريعة

باعتباركم كلفتم من الدولة بمراجعة القوانين المخالفة للشريعة، أين وصلتم في هذا الجانب، وهل هناك لجنة من العلماء والخبراء يعملون مع فضيلتكم؟

الجواب:

شكلت لجنة من العلماء والخبراء لهذا الأمر، وقطعت شوطا لا بأس به، وستتم عملها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها إن شاء الله تعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                                                  مفتي عام ليبيا

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق