طلب فتوى
التبرعاتالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

إقامة مسجد على أرض محبسة على (التاليف)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3229)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

نحن المصلين في مسجد بريون بقرية أولاد التركي، نعلمكم أن الأرض التي أقيم عليها المسجد أرض وقف، تُعرف بـ (تاليف الشارع)، كانت في يد بعض أهل القرية، يستغلها، ويقيم في نهاية كل عام وليمةً يدعو إليها أهلَ القرية.

والسؤال: ما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وكيف يُخرج التاليف في هذا الزمان؟ وما حكم السنين الماضية التي لم يخرج فيها التاليف منذ بداية بناء المسجد؟ ومن أين يخرج التاليف؟ مِن حسابِ المسجدِ، أم مِن أهلِ القرية؟

علما بأن للمسجد عقارات أخرى، فهل يمكن استبدالها؟ بحيث تنقلُ أرضُ التاليف إلى عقارٍ آخر مِن عقارات المسجد، وتبقى أرضُ المسجد خالصة له، وما الحكم إذا ضاق المسجد، ولم يمكن توسعته، وكان بالقرب منه أرض فضاء؟ هل يجوز بناء مسجد آخر في هذه الأرض؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن التحبيسَ على (التاليف) كان النَّاس في أمس الحاجة إليه قديمًا؛ للفاقة الشديدة، وعدم توفر القوت في البيوت، أما الآن فقد تغير الحال، فالأنسب في هذا الزمن أن يصرف الريع لفقراء المنطقة، نقدًا أو مواد غذائية أساسية؛ لأنه بمثابة الإطعام في (التاليف).

والأصل أنه لا يجوز تغيير الحبس عما حبس عليه، فشرط الواقف كنص الشارع، ما لم يخالف الشرع، قال أبو عبد الله المَوّاق رحمه الله: “(واتبع شرطه إن جاز)، قال ابن الحاجب: مهما شَرَطَ الواقف ما يجوز له اتبع؛ كتخصيص مدرسة أو رباط أو أصحاب مذهب بعينه” [التاج والإكليل:649/7]، ولكن بعد الوقوع والنزول؛ وبناء مسجد جديد على أرض التاليف، وجعل القديم مركزا للتحفيظ، فإن “ما كان لله فلا بأس فيه أن يستعان ببعضه في بعض”، كما قال العلماء [شرح الخرشي مع حاشية العدوي:95/7].

وعليه؛ فالصلاة في المسجد الجديد لا حرج فيها، وما بني على الأرض من عقار يصرف ريعه على التاليف صدقةً للفقراء؛ تحقيقًا لرغبة المحبس، وذلك طول السنين منذ بناء العقار على أرض الحبس وله ريع، وإذا لم يوجد ريع فلا يجب على أهل القرية شيء، ولا يحتاج إلى المناقلة، بل يبقى حبس التاليف في مكانه، وحبس المسجد في مكانه، وما بقي من أرضِ التاليف فإنه يُستثمر، وينفقُ ريعه على الفقراء والمساكين بالمنطقة.

أما مسألة المسجد إذا ضاق بالمصلين، واحتيج لتوسعته، فإنه يوسع حسب الإمكان، ولو بهدمه وبنائه أدوارا بطريقة حديثة، أو بشراء الدُّور والعقارات الملاصقة له، ويجبر أصحابها على البيع، ولا يجوز تعطيله عن المسجدية؛ قال الخرشي رحمه الله: “ إذا ضاق المسجد بأهله واحتاج إلى توسعة وبجانبه عقار حبس أو ملك، فإنه يجوز بيع الحبس لأجل توسعة المسجد، وإن أبَى صاحب الحبس أو صاحب الملك بيع ذلك فالمشهور أنهم يجبرون على بيع ذلك، ويشترى بثمن الحبس ما يجعل حبسًا كالأول” [شرح خليل مع حاشية العدوي:95/7]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                        

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07/جمادى الآخرة/1438 هـ

06/مارس/2017م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق