طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

إكراه على أخذ القروض الربوية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1892)

 

السادة: تجمع ضحايا القانون (88).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فبالإشارة إلى مراسلتكم ذات الرقم الإشاري (ت ض 5/2014)، التي تسألون فيها عن حكم قروض القانون (116/1972)، التي فرضتها الدولة على أصحاب الأراضي؛ كي يبنوا عليها مساكن، بقروض ربوية تعطيها لهم المصارف بدعوى التطوير العمراني، فإن لم يقبلوا، فتؤخذ منهم الأراضي مكرهين بثمن بخس، وكان الرهن المأخوذ لهذه القروض هو الأرض وما عليها من مبانٍ، إضافة إلى ضعف ثمن الأرض، وحددت مدة عشر سنوات لتسديد القرض؛ ولكن فوجئ أصحاب الأراضي بعد ثلاث سنوات من الإقراض بصدور قانون (88)، الذي يقضي باغتصاب الأراضي وما عليها دون ذكر لسبب هذا الغصب، والسؤال هل يجوز لأصحاب هذه الأراضي المطالبة باسترداد أملاكهم المغصوبة، أم لا؟

فالجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ما قامت به الدولة بموجب القانون المذكور، هو من استباحة ممتلكات الناس بالظلم، وكلّ ما حصل بموجبه في ذلك الوقت يُعدُّ تعدّيا وغصبا، لا يثبت به ملك، إلا إذا عوّضت الدولة المتضررين مقابل نقل الملكية إليها، ورضوا بالتعويض؛ أما إذا لم تدفع الدولة لهم عوضًا مناسبا – وكانوا غير راضِين به في ذلك الوقت – فلا يثبت به حق، ويبقى الحق للمالكِين، وكل ما حصل بموجب هذا القانون مِنْ نقل للأملاك بدون رضا أصحابها، يعد باطلًا، قال الله عز وجل: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة:188]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي:5492]، وقد نص العلماء على أن حكم الحاكم يُنقض إذا خالف نصَّ الشارع، ولا ينفذ حكمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) [أبوداود:3075]، ويجب على أصحاب هذه الممتلكات الرجوعُ في استرداد حقوقهم إلى القنوات المعروفة، وما تقرره المحاكم والهيئات المخولة بذلك، كما ينبغي عليهم الانتظار، حتى يخرج القانون الخاص بمعالجة ما ترتب على مثل هذه القوانين من مخالفات، ومَن أخذ تعويضا، وكان راضيا به في حينه، ونقل بمقتضاه الملكية إلى الدولة، فلا يحق له الآن الرجوع عنه، والندم بسبب تغيُّر الأسعار وارتفاعها.

وأما القروض الربوية التي أكرهوا عليها، فالواجب عليهم – إذا لم يرجعوها للدولة – أن يقوموا برد أصل المال الذي اقترضوه من الدولة دون زيادة؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:279]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14/جمادى الآخرة/1435هـ

2014/4/14م

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق