طلب فتوى
الفتاوىالمساجد

التكبير في المساجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (944)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

            يتم فتح التكبير في المساجد عبر مكبرات الصوت، بمناسبة وغير مناسبة، كل مسجد بحسبه، حتى أصبح سماع التكبير في غير المناسبات دليلاً على وقوع شيء خطير في البلد، فما حكم ذلك؟

الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

           أما بعد:

         فقد وردت أدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة في فضل الذكر، وهي شاملة للتكبير، وجاءت أدلة تنص على التكبير بخصوصه، ومن ذلك قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) [الإسراء:111]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس” [مسلم:2695]، وهو شعار الصلاة، والأذان، والأعياد، وعند صعود الأماكن العالية، ويتأكد في الحروب عند التقاء الصفين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المنذرين” [البخاري:2829، مسلم:1365]، وقال صلى الله عليه وسلم: (سمعتم بمدينة، جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله، والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها، فيغنموا”[مسلم:2920]، ويدخل في ذلك الرباط في الثغور، قال سحنون بن سعيد رحمه الله: “قلت: أرأيت التكبير الذي يكبره هؤلاء الذين يرابطون على البحر، أكان مالك يكرهه؟ قال: سمعت مالكًا يقول: لا بأس به، قال: وسئل مالك عن القوم يكونون في الحرس في الرباط، فيكبرون بالليل، ويطربون، ويرفعون أصواتهم؟ فقال: أما التطريب فلا أدري، وأنكره، وقال: أما التكبير فلا أرى به بأسا” [المدونة:526/1]، وهناك حالات أخرى يشرع عندها التكبير، قال ابن تيمية رحمه الله: “فالتكبير شرع أيضاً لدفع العدو من شياطين الإنس والجن، والنار التي هي عدو لنا، وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار؛ لكثرة الجمع، أو لعظمة الفعل، أو لقوة الحال، أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة؛ ليبين أن الله أكبر، وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار، فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان؛ مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد سائر المطالب لكبريائه، ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر؛ لأن هذه الثلاث أكبر ما يطلبه العبد، وهي جماع مصالحه” [مجموع الفتاوى:229/24].

وعليه؛ فالتكبير ورفع الصوت به عند الحاجة لا بأس به، ما لم يداوم عليه، ويتخذ سنة، ولم يكن فيه إزعاج لجيران المسجد؛ من الأطفال، والمرضى، أو لمن يتلو القرآن، أو يستمع إليه، ونحو ذلك، قال ابن رشد رحمه الله: “وسئل مالك عن رفع الأصوات بالتكبير على السواحل، أو في الرباط بحضرة العدو، أو بغير حضرتهم؛ هل ينكره، أو يسمع الرجل نفسه؟ فقال: أما بحضرة العدو فلا بأس، وذلك حسن؛ وأما بغير حضرتهم على السواحل، فلا بأس بذلك أيضاً، إلا أن يكون رفع صوته يؤذي الناس، لا يستطع أحد أن يقرأ ولا يصلي، فلا أرى ذلك”[البيان والتحصيل:572/2]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                         مفتي عام ليبيا

15/ربيع الآخر/1434هـ

2013/2/25

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق