طلب فتوى
الأسرةالفتاوى

الواجب توفره من شروط في الحاضن وولي المحضون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2195)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ما هي وظيفة الحاضنة تجاه المحضون؟ وماذا على وليه؟ وكم فترة الحضانة للأولاد ذكورا وإناثا؟ وما الشروط المطلوب توفرها في الحاضن والولي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الحضانة هي حفظ الولد، والقيام بمصالحه، قال الدسوقي رحمه الله: “(حفظ الولد)، أي: في مبيته، وذهابه، ومجيئه، (والقيام بمصالحه)، أي: من طعامه، ولباسه، وتنظيف جسمه، وموضعه” [حاشية الدسوقي:526/2]، وأجمع العلماء على أن الأم أولى بحضانة الأولاد، ما لم تتزوج، والأب له حق الرعاية والرقابة والتأديب لأولاده، قال خليل بن إسحاق رحمه الله: “وللأب تعاهده وأدبه وبعثه للمكتب” [المختصر:139]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “قال ابن وهب: وسئل مالك عن المطلقة، ولها ابن في الكتاب، أو بنت قد بلغت الحيض: للأب أن يأخذهما؟ فقال مالك: لا أرى ذلك، له أن يؤدب الغلام، ويعلمه، ويقلبه إلى أمه، ولا يفرق بينه وبين أمه، ولكن يتعاهده في كتابه، ويقر عند أمه، ويتعاهد الجارية، وهي عند أمها ما لم تنكح” [الاستذكار:71/23]، وقال الباجي رحمه الله: “وإذا كان الابن في حضانة أمه لم يمنع الاختلاف إلى أبيه يُعلّمه، ويأوي إلى الأم، رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون، ووجه ذلك أن الابن محتاج إلى أن يعلمه أبوه ويؤدبه، ويسلمه إلى من يعلمه القرآن والكتابة والصنائع والتصرف، وتلك معان إنما تستفاد من الأب، فكان الأب أولى بالابن في الأوقات التي يحتاج فيها إلى التعلم، وذلك لا يمنع [حق] الحضانة؛ لأن الحضانة تختص بالمبيت، ومباشرة عمل الطعام، وغسل الثياب، وتهيئة المضجع، والملبس، والعون على ذلك كله … وتنظيف الجسم، وغير ذلك من المعاني التي تختص مباشرتها بالنساء، ولا يستغني الصغير عمن يتولى ذلك له؛ فكان كل واحد من الأبوين أحق بما إليه منافع الصبي والقيام بأمره” [المنتقى:8/137].

ويثبت للمحضون على والده أثناء الحضانة النفقة كاملة، ويجب عليه ما يستلزم الحضانة؛ بتوفير المسكن للحاضنة، إمَّا بالبقاء بمحل الزوجية، أو أن يوفر لمطلقته الحاضنة محلًّا آخر على وجه الكراء، وتكون أجرة المسكن على الأب والحاضنة بالاجتهاد، بأن يجعل نصف أجرة المسكن مثلا على أبي المحضون، ونصفها على الحاضن، أو ثلثها على أبي المحضون، وثلثاها على الحاضن، أو العكس، وعند التنازع يرجع في تقديرها – والمكان الذي تكون فيه – إلى المحكمة، إلَّا إذا كانت الحاضنة فقيرة، فيجب على أب الطفل إسكانها، أو دفع أجرة المسكن كاملة إلى انتهاء مدة الحضانة، قال سحنون رحمه الله: “سكنى الطفل على أبيه وعلى الحاضنة ما يخص نفسها بالاجتهاد فيهما، أي فيما يخص الطفل، وما يخص الحاضن” [الشرح الكبير:533/2].

وحضانة الابن إلى البلوغ، والبنت إلى الزواج. [حاشية الصاوي:176/6-184].

ويشترط في الحاضن، ذكرا كان أو أنثى:

           العقل؛ فلا حضانة لمجنون.

           القدرة على القيام بشأن المحضون.

           حرز المكان في البنت التي بلغت سنا يخاف عليها فيه الفساد، ومثلها الذكر يخاف عليه، فلا يشترط فيه حرز المكان قبل الإطاقة، بل يستحب.

           الأمانة في الدين، فلا حضانة لفاسق؛ كشريب خمر ومشتهر بزناً ولهو محرم.

           الرشد، وهو صون المال، فلا حضانة لسفيه مبذر؛ لئلا يتلف مال المحضون.

           الخلو من العاهات المعدية أو المضرة، ولو برائحتها أو منظرها.

وهناك شروط أخرى تختص بأحدهما، فيشترط في الحاضنة أن تقيم في بلدة الأب، وأن لا تتزوج غير محرم للمحضون، ويُدخل بها، ويشترط في حضانة الذكر أن يكون عنده من يحضن من النساء، وأن يكون محرما للبنت المحضونة إذا كانت مطيقة. [انظر:الشرح الكبير للدردير (528/2)، والشامل لبهرام (508/1)، والبهجة للتسولي (651/1)، والتاج والإكليل للمواق (217/4)]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14/ربيع الآخر/1436هـ

2015/02/04م

     

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق