طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوى

انحراف القبلة في المساجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1264)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

           كان بمنطقتنا مقر لإحدى اللجان الثورية، وبعد التحرير تـمّ تحويل المقـرّ إلى مسجد، بعد أخذ الموافقات اللازمة من الأوقاف، وبعد تحويله تم وضع القبلة فيه عشوائيًا باتجاه الشرق، وبعد القيام بقياس القبلة في المسجد باستعمال الأدوات الحديثة، اتضح أننا نصلي منحرفين عن القبلة بما يزيد عن 40 درجة شمالاً؛ وعندما طلبنا من اللجنة المشرفة أن يصلحوا اتجاه القبلة، قال بعضهم: إن هذا الوضع يكفي شرعًا، والبعض الآخر لم يبال؛ وبما أن الوضع مازال كما هو عليه، فهل يجوز لنا الاستمرار في الصلاة في هذا المسجد؟ علما بأنه يوجد عدة مساجد تتفاوت في انحرافها عن القبلة في المنطقة؟ وما حكم الصلوات السابقة التي أديناها في هذا المسجد، بعد علمنا بانحراف القبلة؟  

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

           فالأصل أن مَن علم اتجاه القبلة لايجوز له الانحراف عنها، لا قليلا ولا كثيرًا؛ لقول الله تعالى: )ومِنْ حَيثُ خَرَجتَ فولِّ وجهَك شَطرَ المسْجدِ الحَرامِ([البقرة:149]، وقوله عز وجل):فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ( [البقرة:150]، والشطر لغة: الناحية، أو الجهة.

والانحراف المذكور لايؤدي إلى الخروج عن استقبال جهة القبلة، وقد نص الفقهاء على أن الانحراف الذي يبطل الصلاة هو الانحراف عن الجهة باستدبارها أو التشريق والتغريب، قال المواق رحمه الله: “في المدونة قال مالك: من علم وهو في الصلاة أنه استدبر القبلة، أو شرق أو غرب قطع وابتدأ بإقامة”[التاج والإكليل:194/2]، فدل قوله على أن الانحراف المبطل للصلاة هو الانحراف عن الجهة.

أما الصلاة فلا تعاد بعد خروج الوقت كما نصّ على ذلك الفقهاء في استدبار القبلة والتشريق والتغريب عنها، وهي رواية ابن القاسم عن مالك رحمهما الله كما نقله ابن رشد رحمه الله في البيان والتحصيل، وينبغي على القائمين على المسجد إصلاح الخطأ، بتغيير اتجاه المسجد بما يتوافق مع جهة القبلة، وتعديل صفوف المصلين إلى الجهة الصحيحة؛ لأنه لا يجوز لمن علم القبلة الانحراف عنها. والله أعلم.  

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد محمد الغرياني

أحمد محمد الكوحة

 

غيث بن محمود الفاخري

            نائب مفتي عام ليبيا

9/رجب/1434هـ

2013/5/19م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق