طلب فتوى
الصلاةالعباداتالفتاوى

تحديد اتجاه القبلة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1591)

 

السيد/ مدير مكتب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة؛ وبعد:    

فبالإشارة إلى مراسلتكم، بخصوص طلبكم الرد على مذكرة وصلتكم من أحد طلبة العلم، حول اتجاه القبلة، وما يحدث من جدل حولها، وقد جاء في بحثه ما ملخصه: “أن الفرض في القبلة هو استقبال الجهة لا العين، وهو ما عبر عنه أصحاب الفلك والهندسة بعدم الميل عن عين القبلة بأكثر من (45) درجة، فإذا تقرر هذا فإن مساجد مدينة مصراتة في غالبها غير خارجة عن جهة القبلة، والسعي في تعديلها هو طلب لغير المطلوب شرعا، فالأولى ترك المساجد على حالها؛ لأن المطلوب الجهة لا العين، وهو المتماشي مع يسر الشريعة، وسعة الأمر في القبلة، وقد رد على استشكال وجود الآلات الحديثة، وإمكانية ضبطها عليها، بأن استقبالها من كافة المصلين مازال متعذرا في الصفوف الطويلة، ويلزم من ذلك جعل الصفوف مقوسة”، نأمل منكم بيانا وردًّا لطلبة العلم والوزارة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فأما قول الباحث – وفقه الله -: إن الواجب هو استقبال الجهة، وطلب تعديلها إذا كانت أقل من (45) درجة هو طلب لغير المطلوب شرعا، حتى بعد معرفة الانحراف بالأجهزة الحديثة، فهذا غير مسلّم، وذلك للآتي:

ـ الاكتفاء بالجهة مع الانحراف بمقدار الدرجة المذكورة هو معفو عنه عند عدم القدرة على معرفة عين القبلة، وذلك للمشقة ورفع الحرج، أما من علم الانحراف عن عين القبلة، فلا يجوز له هذا الانحراف عمدًا، سواء كان قليلا أو كثيرا، قال الشيخ الدردير رحمه الله عندما تكلم عمن تبين له الانحراف اليسير عن القبلة وعلمه داخل الصلاة قال: “وصحت في اليسير فيهما مع الحرمة” [الشرح الكبير:1/227]، وهذا يفيد أن الانحراف اليسير مع العلم به، وإن لم يبطل الصلاة، فصاحبه آثم, وقال ابن مقيل رحمه الله: “واعلم أن تَحَرِّيكَ لذَلكَ في كل موضع تقوم فيه الصلاة لازم لك، ومتى غفلت أن تتحرى ذلك، ولم تحقق فيه لم تستقم إلى القبلة في كل صلواتك؛ إذ بانحرافك مقدار غلط إصبع أو نحوه، تميل عن القبلة ميلا عظيما”[فتاوى ابن مقيل:83] .

ـ إن من عُلمت له جهة الكعبة أو عينها، بأحد الوسائل، فالواجب عليه العمل بما علم، ولا يجوز له بعد العلم الانحراف والاكتفاء بالجهة، ولذلك لا يجوز الانحراف والاكتفاء بالجهة فيما علمت قبلته بالقطع، إما بالوحي كمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أو بالإجماع، كما في مسجد عمرو بن العاص في مصر القديمة.

وأما قول الباحث – وفقه الله -: إن تحديد عين القبلة، وإن صار غير متعذر، فإن استقبالها لايزال متعذرا في الصفوف الطويلة، ويلزم من ذلك جعل الصفوف مقوسة، وهو ما لم يقل به أحد من أهل العلم على ما فيه من مشقة، فقد أجاب فيه الباحث عن اعتراضه فلا يلزم ماذكره، وذلك للمشقة والمشقة في القبلة ترفع الحرج، فيتحول الطلب معها من العين إلى الجهة، فحكم الاكتفاء باستقبال الجهة يدور مع المشقة وجودًا وعدمًا، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد محمد الغرياني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

27/المحرم الحرام/1435هـ

2013/12/1م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق