طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

تغيير الحبس عما حبس عليه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3423)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

قطعة أرض موقوفة كصدقة جارية، مشتملة على عدد من أشجار النخيل والزيتون والرمان، مكانها بسانية معلم، بمحلة الساحل سوق الجمعة، كان المتولي للعقار المرحوم (هـ) بموجب تولية عرفية مصدقة من محكمة سوق الجمعة، مِن والده (ح)، يجمع الغلة والإيجار منها، ويجعله تاليفا لجماعة زاوية القادرية بجامع أبو دراع، ويطعم الجماعة في شهر رمضان المعظم من كل سنة، ولما كانت هذه الصدقة مهملة، ولم يقم بشؤونها أحد بعد وفاة المتولي لها، اتفق جميع الورثة على أن يقوم ابنه الأكبر (س) بحفظها، وجعلها في محلها، وقد قبل المعني ذلك بكامل الشروط، وقد وقَّع الجميع على هذا، فما أوجه التصرف الشرعية في هذه القطعة؟ وهل يجوز استبدالها بقطعة أخرى، على اعتبار أن هذه الأرض أصبحت داخل المخطط العام (تصنيف سكني)، ولم تعُد صالحة للزراعة؟ وهل يجوز التنازل عنها لغرض بناء مسجد مثلا؟ وفي حال جواز ذلك، هل التنازل يتم من المتولي فقط، أم مِن جميع الورثة؟ وهل يجوز بناء مسجد عليها دون موافقة المتولي والورثة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن التحبيسَ على (التاليف) كان النَّاس في أمس الحاجة إليه قديمًا؛ للفاقة الشديدة، وعدم توفر القوت في البيوت، أما الآن فقد تغير الحال، فالأنسب في هذا الزمن أن يصرف الريع لفقراء المنطقة، نقدًا أو موادّ غذائية أساسية؛ لأنه بمثابة الإطعام في (التاليف).

والأصل أنه لا يجوز تغيير الحبس عما حبس عليه، فشرط الواقف كنص الشارع، ما لم يخالف الشرع، والحبس لا يباع، ولا يتصرف فيه بمبادلة ولا غيرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في صدقته: (أمسك أصلها، وسبل الثمرة)، وقول عمر رضي الله عنه بعد ذلك: “لا يباع ولا يوهب ولا يورث” [النسائي:6432]، قال سحنون رحمه الله: “بقاء أحباس السلف خرَابا دليل على أن بيعها غير مستقيم” [شرح الخرشي:95/7]، ويقول الموّاق رحمه الله: “يمنع بيع ما خرب من رَبُع الحبس مطلقًا” [التاج والأكليل:7/662]، وفي الرسالة: “ولا يباع الحبس وإن خرب” [الرسالة:119]، قال الله تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة:181].

وعليه؛ فلا يجوز مناقلةُ شيءٍ من هذه الأرض، ولا استبدالها بغيرها؛ لأن المناقلة من البيع كما نص عليه العلماء.

وينبغي على متولي الوقف أن يقوم باستغلالها، وصرف ريعها في الشيء الذي وقفت عليه، وبخاصة أن قطعة الأرض كما جاء في السؤال هي داخل المخطط، فإذا أمكنت عمارتها باستثمارها بإقامة مبنى فيها مشاركة مع مال من وقف آخر أو مع صاحب رأس مال، فإن لم يتأت شيء من ذلك، فعلى الناظر أن يسيجها ويقوم بحفظها، وتأجيرها على الحالة التي هي عليها، لأن المطلوب من الناظر أن يعمل على الاستفادة من الوقف ما أمكن، والله أعلم.

             وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09/ربيع الأول/1439هـ

27/نوفمبر/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق