طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

تغيير الموصِي وصيته

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3390)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أوصت (ش) بوصيتين؛ الأولى في سنة 1975م: بالثلث من مخلفها أرضًا ومنزلًا تاليفًا جاريا على الفقراء الذاكرين بخلوة الشيخ عبد السلام الأسمر، الكائن قبلي جامع أبي الأشهر، يتولاه الأصلح من أخويها، ويجعل منه طعامًا إيدامًا للفقراء الذاكرين بالخلوة، والثانية في سنة 1986م: أوصت للأخ (هـ) وهو ابن أخيها، بحفظ أموالِها عقارًا وغيره بيعًا وشراء، وتوقيع ما يلزم توقيعه، وحفظ المستندات، والتصرف في منزلها الحالي، وفي قطعة الأرض المسامية له من ناحية البحر، وأن يوقفها وقفًا بما يعرف بالتاليف الجماعي، بالحدود المذكورة في الوصية، وقد أسندت له بأن يقاسم أعمامه وأباه ومن لها نصيب معه، وأسندت له دون غيره بتجهيزها ودفنها، وقراءة أربعة ختمات من القرآن العظيم، وتهيئة الطعام بالذي يعرف بالبازين في أول يوم، وبالكسكسي في اليوم الثاني، وأن يحفظ عند الضامن المجوهرات، وهي عشر ليرات، ومنها واحدة ما شاء الله، وهي الحادية عشر، وثمانية حدايد وسنيبلة، كما أودعت عند وصيها مبلغ 700 دينار، هذا وكله من الذهب والنقد المذكورين قد استلم منها الوصي، وجاء في تقرير الموصية بأنه إن قام الموصي له بما أسند له منِّي فذلك ما هو المطلوب، وإن أخلّ بشرط مما جاء في المستند فيعتبر ما ذكر آنفا ملغىً، وقد قام الموصي له بما أسند له إلا توقيف قطعة الأرض، فما حكم هذه الوصايا؟ وأيهما تنفّذ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فبعد إقرار الموصَى له بأن المنزل المذكور في الوصية الأولى، هو نفسه البيت المذكور في الوصية الثانية، فتعد الوصية الثانية ناسخةً للأولى، ولا مانع شرعًا مِن أن يرجع الموصي عن وصيته بالكلية، لسبب أو لغيره، أو يُعدّل فيها حسب ما يراه، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك، قال مالك رحمه الله: “الأمر المجتمع عليه عندنا؛ أنّ الموصي إذا وصّى في صحته، أو في مرضه، بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك، فإنه يغير من ذلك ما بدَا له، ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحبّ أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل” [المدونة:327/4].

وعليه؛ فإن صحت الوثيقة المرفقة، فالوصية تثبت وتنفذ، إذا لم تتجاوز ثلت أملاك الموصِي، وذلك بأن يتولى (هـ) المذكور نظارة الوقف، وتنفيذ الوصية فيما أرادت الواقفة، ونظرًا إلى أنّ ما يسمى (تاليف الجماعة) لم تعد له جدوى في الوقت الحاضر؛ فإن ريع العقار يصرف بدل ذلك على فقراء تلك الجهة، أما إذا كانت هذه الوصايا تزيدُ عن ثلثِ التركة، فيشاور الورثة في إمضاء الزائد، فإنْ أمضوه فيمضي على ما ذَكَر الموصِي، وكان الزائد ابتداء صدقة منهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه في الوصية: (الثلث، والثلث كثير) [البخاري:5354]، وإلا فتمضي الوصية في الثلث، ويرد الزائد فوق الثلث على الورثة حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد علي عبد القادر

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19/المحرم/1439هـ

09/أكتوبر/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق