طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

حق السمعة التجارية، وشهرة المحل

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1785)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

اشتركت مع ثلاثة أشقاء في فتح محل للمواد الغذائية؛ بحيث يكون مني المال، ومنهم العمل والمحل، ويكون الربح مناصفة بيننا، بعد خصم جميع المصروفات، وقد تم تطوير المحل مرتين على نفقتهم، وفي المرة الثانية زحفوا على الفضاء العام، وضموه للمحل، بحيث صار سوقا كبيرا، ثم طلبوا مني مائة وخمسين ألف دينار؛ لتعبئة السوق بالبضاعة، فطلبت فض الشركة؛ لعدم قدرتي على الدفع، ففعلوا، وأعطوني مبلغا من المال، يشمل رأس المال الذي دفعتُه، وأرباح سنة لم نتحاسب عليها، وليس لديَّ أيُّ اعتراض على ذلك؛ ولكني طلبت منهم تقدير مبلغ عادل مقابل سمعة وشهرة المحل، الذي ساهمت في إنشائه منذ عشر سنين، فهل يجوز لي ذلك؟ وإذا كان الجواب بـ(نعم)، فكيف يتم تقدير المال؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، هي من الحقوق التي أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة؛ لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعًا، فلا يجوز الاعتداء عليها، ولأصحابها التصرف فيها، ونقل أي منها بعوض مالي، إذا انتفى الضرر والتدليس والغش؛ باعتبار أن ذلك أصبح حقًّا ماليًّا لهم، وبهذا صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي، في دورة مؤتمره الخامس بالكويت، سنة 1405هـ، بشأن الحقوق المعنوية، فالواجب عند فض الشركة أن تقوَّم بسعر السوق، بالسعر الذي يقبل المشتري الدخول على المحل بما فيه من بضاعة، فالثمن الذي يعطى فيه هو الذي تُفَضُّ على أساسه الشركة، وليس بتثمين البضاعة فقط، وكأنها في مخزن؛ لأن هذا هو العدل؛ إذ النمو الحاصل بسبب شهرة المحل قد أسهم فيه الطرفان معا، واحد بجهده، والآخر بماله.

وننبه إلى أن ما قام به أصحاب المحل من التعدي على الفضاء العام وضمه للمحل، لا يجوز لهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أخذ شبرًا من الأرض بغير حقّه، طُوِّقَهُ في سبعِ أرضينَ يومَ القيامة) [البخاري:245، ومسلم:1610]، فالتعدي على المال العام أشدّ حرمة من التعدي على المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمَمِ المالكةِ له، وقد أنزله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه منزلةَ مال اليتيم الذي تجب رعايتُه وتنميتُه، ويحرم أخذه بغير حق، أوالتَّفريط فيه. [مصنف ابن أبي شيبة:32914].

فعلى من اغتصب شيئًا من الدولة أن يرده إليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (على اليدِ ما أخذت حَتى تؤدِّيه) [الترمذي:1266]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18/ربيع الآخر/1435هـ

2014/2/18م

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق