طلب فتوى
العقيدةالفتاوىقضايا معاصرة

حكم الزخارف التي تشبه الصليب

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى (   )

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

يوجد في مسجدنا بسوق الجمعة مصابيح بها زخارف على هيئة صلبان، وقد أرفقنا لكم بعض الصور الفوتوغرافية التي توضح شكل هذه الزخرفة، فهل هذه الزخارف من الصلبان الواجب إزالتها؟

            الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

          فإن المساجد بيوت الله تعالى، بنيت لإقام الصلاة، ولتسبيح الله تعالى فيها بالغدو والآصال مع حضور القلب، والضراعة والخشوع، وخشية الله. والرسوم والزخارف في فرش المساجد وجدرانها مما يشغل القلب عن ذكر الله، ويذهب بكثير من خشوع المصلين، ولذا كرهها العلماء، ففي البيان والتحصيل لابن رشد المالكي: “وتحسين بناء المساجد وتحصينها مما يستحب، وإنما الذي يكره تزويقها بالذهب وشبهه، والكتب في قبلتها؛ لأن ذلك مما يشغل المصلين ويلهيهم عن الصلاة”، فينبغي للمسلمين أن يجنبوا ذلك مساجدهم، محافظة على كمال عبادتهم بإبعاد المشاغل عن الأماكن التي يتقربون فيها لله رب العالمين؛ رجاء عظم الأجر، ومزيد الثواب.

والصليب شعار النصارى يضعونه في معابدهم ويعظمونه ويعتبرونه رمزا لقضية كاذبة، واعتقاد باطل، هو صلب المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وقد أكذب الله تعالى اليهود والنصارى في ذلك، فقال سبحانه وتعالى: )وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ(، فلا يجوز للمسلمين أن يجعلوه في فرش مساجدهم أو غيرها، ولا أن يبقوا عليه، بل يجب أن يتخلصوا منه بطمسه والقضاء على معالمه بعدا عن المنكر، وترفعا عن مشابهة النصارى عموما، وفي مقدساتهم خاصة، قالت عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا قضبه) رواه البخاري، أي: قطع موضع الصليب منه دون غيره، والقضب: القطع، وهذا الشيء يشمل الملبوس، والستور، والبسط، والآلات، وغير ذلك.

وليس كل رسم يشبه الصليب يكون صليبا، فإذا لم تكن صورة الصليب ظاهرة، وإنما نتج عن زخرفة غير مقصودة، أو كان البناء بالهندسة المتقاطعة أنفع وأكثر مرونة، أو استعمل لرموز رياضية معينة، كرمز الجمع أو الضرب في علم الحساب، ففي هذه الحال لا يجب نقضه ولا إزالته، ولا حرج في صنعه، ولا في بيع ما احتوى عليه؛ لانتفاء العلة، وهي التشبه بالكفار وتعظيم رموزهم.

           والصور المرفقة ليس رسم الصليب فيها ظاهرا، فلا يجب نقضها وإزالتها؛ لانتفاء العلة. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

  

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                                     مفتي عام ليبيا

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق