طلب فتوى
الفتاوىالمساجد

حكم حجز مكان في المسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (680)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

يقوم بعض الناس بحجز مكان في الصف الأول في المسجد، متعللين بإسباغ الوضوء أو اتقاء المكيف، فما الحكم في ذلك؟ وهل يجوز رفع الفراش الذي وضعه ليحفظ به المكان وأخذ المكان أم لا؟.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن حجز المصلي مكانا في المسجد لا يخلو من حالين:

الأول: أن يحجز المصلي مكاناً ثابتا في المسجد لا يصلي غيره فيه، وهذا الأمر محرم لا يجوز شرعًا، وفيه عدة مفاسد منها:

تخطي رقاب الناس، وذلك بعد عودته من بيته أو من شغله وحاجته، قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل يتخطى الناس: “اجلس فقد آذيت”.

اغتصاب المكان الذي من سبق إليه فهو أولى به، وهذا سبق بثوبه ولم يسبق بجسمه!.

مخالفة ما كان عليه السلف الصالح – رضوان الله عليهم – فإنهم لم يؤثر عنهم فعل ذلك.

أن في حجز المكان في المسجد منظراً غير لائق، وذلك لو أن الصف الأول مثلاً محجوز بقطع القماش، وما أشبه ذلك، ثم يأتي الناس فيجلسون في الصف الثاني، فهذا لا يليق ببيوت الله.

5ـ فيه منع السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيه، والمشروع في المسجد أن الناس يتمون الصف الأول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون في الصفوف). رواه مسلم.

وإذا وضع مُصَلٍّ فراشا فلمن سبقه إلى المسجد أن يرفع ذلك ويصلي موضعه؛ لأن هذا السابق يستحق الصلاة في ذلك الصف المقدم، وهو مأمور بذلك أيضاً، وهو لا يتمكن من فعل هذا المأمور واستيفاء هذا الحق إلا برفع ذلك المفروش، ووضعه هناك على وجه الغصب، وذلك منكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.

لكن ينبغي أن يراعى في ذلك أن لا يؤول إلى منكر أعظم منه بأن ترتفع الأصوات والخصومات في المسجد، والرغبة في الخير لا تكون بالتقرب إلى الله بفعل محرم، وإنّما الراغب في الخير مَن ابتعد عن معاصي الله، وعن ظلم الناس في حقوقهم، فإنّه لا يتقرب إلى الله إلا بطاعته، وأعظم مِن ذلك أنْ يتحجر لنفسه ولغيره، فيجمع عدة مآثم.

الثاني: أن يكون المصلي الحاجز من الحريصين على الصف الأول، ولم يطل حجزه لذلك المكان؛ كأن كان جالساً في الصف ثم حجز مكانه بثوب ثم ذهب ليتوضأ، أو حصل له ظرفٌ طارئ، فلا بأس من الحجز ، وهو أحق بمكانه، وقد ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ” الرجل أحق بمجلسه، وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه” رواه الترمذي، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به”. فدلت هذه الأحاديث بعمومها على أن المصلي الذي يقوم من مجلسه لحاجة يسيرة كوضوء أو شرب، أو ما أشبه ذلك، ثم يرجع إليه فإنه أحق بالمجلس من غيره، و لصاحب المكان أن يقيم من جلس بمكانه في هذه الحالة، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فتنة ومنكر أعظم، ويجب على الجالس في مكان من سبقه، ولكنه خرج لحاجة يسيرة، أن يقوم وجوبًا؛ اتباعًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

20/المحرم/1434هـ

2012/12/4

                                                                                                  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق