طلب فتوى
العقيدةالفتاوى

حول عقيدة القاديانية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فتوى (  )

 

  السيد / النائب العام:

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  تحية طيبة وبعد :

           فبالإشارة إلي مراسلتكم ذات الرقم الإشاري (8500.10.1) بشأن إحالة صور ضوئية لكتب ومذكرات على ذمة القضية رقم (2012.229م) سوق الجمعة زليتن، بخصوص ضبط بعض الأشخاص المنتسبين لما يسمى بالجماعة الإسلامية الأحمدية (القاديانية) لإبداء الرأي الشرعي بالخصوص.

              عليه …

   الجواب:

   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آلاه وصحبه ومن والاه.

   أما بعد :

  فإن الكتب الفاسدة التي أحيلت إلينا، وضبطت في حوزة هذه المجموعة المسمية نفسها (الأحمدية) بها ما يلي:

1ـ فلسفة تعاليم الإسلام …. رسالة من إمام الجماعة، لمؤلفه المدعو: ميرزا طاهر أحمد (الخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود) !!!، ومعها تقريظ من صحف ومواضيع متنوعة.

2ـ التفسير الكبير لمؤلفه المدعو: (ميرزا بشير الدين محمود المصلح الموعود، والخليفة الثاني للإمام المهدي والمسيح الموعود …).

3ـ كتاب التبليغ لمؤلفه المدعو: (الميرزا غلام أحمد).

4ـ مجموعة أوراق ورسائل ونصائح متنوعة لبعض الشخصيات من هذه الطائفة.

           5ـ الإسلام ورؤيته فيما بعد الحياة لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ: حسن خالد.

           6ـ النسخ في القرآن بين المؤيدين والمعارضين، تأليف الشيخ محمد محمود ندا.

            وهذه الطائفة من الطوائف الضالة التي ظهرت في آخر القرن التاسع عشر في الهند، وتسمى في الهند وباكستان بـ(القاديانية)، وسموا أنفسهم في أفريقيا وغيرها من البلاد التي انتشر فيها مذهبهم “بالأحمدية”؛ تمويهاً على المسلمين أنهم ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأت تظهر في العراق، وسوريا، وتنتشر في إندونيسيا، وبعض البلدان في أفريقيا.

            تَزَعَّم هذه الطائفة رجل يدعى (ميرزا غلام أحمد) ادعى أنه المهدي، ثم ادعى أنه نبي مرسل من عند الله، ثم ادعى أنه المسيح ابن مريم.

            تعتقد هذه الطائفة العديد من العقائد الفاسدة التي تخرجها عن دائرة الإسلام، كدعواهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء، وإنكارهم للغيبيات؛ كيوم القيامة على الحقيقة التي يعتقدها المسلمون، واعتقادهم بأن الله يخطي ويصيب، ويأكل وينام، ويتكلم بالإنجليزية، واعتقادهم بالتناسخ، وأن الأرواح تتناسخ ولا تعذب إلى الأبد ويبيحون الخمر، والأفيون، والمخدرات، إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة، المصدرة في كتبهم، كما في كتاب (رسالة الذكر الحكيم)، و(إلهام بيان ميعاد الأخبار) و(آئينة صدقات) و(التذكرة) والكتب المذكورة آنفاً.

          وهذا ما استدعى من الهيئات العلمية الإسلامية المعتبرة في العالم بأن تفتي بردة هذه الطائفة، وخروجهم من الإسلام.

             ومن تلك الهيئات:

          1ـ مجلس المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، فقد جاء في بيانه بخصوص القاديانية: “فقد استعرض مجلس المجمع الفقهي موضوع الفئة القاديانية التي ظهرت في الهند في القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي) التي تسمى أيضا (الأحمدية)، ودرس المجلس نحلتهم التي قام بالدعوة إليها مؤسس النحلة ميرزا غلام أحمد القادياني 1876م، مدعيا أنه نبي يوحى إليه، وأنه المسيح الموعود، وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم (كما هي عليه عقيدة المسلمين بصريح القرآن العظيم والسنة)، وزعم أنه قد نزل عليه، وأوحي إليه أكثر من عشرة آلاف آية، وأن من يكذبه كافر، وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان؛ لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى، كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان (براهين أحمدية)، وفي رسالته التي نشرها بعنوان (التبليغ)”.

واستعرض مجلس المجمع أيضا أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القادياني وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى (آينة صداقت) من قوله: “أن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود (أي والده ميرزا غلام أحمد) سواء سمع باسمه، أو لم يسمع هو كافر، وخارج عن الإسلام” (الكتاب المذكور صفحة: 35)، وقوله أيضا في صحيفتهم القاديانية (الفضل) فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه أنه قال: “إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، في الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة، وبيننا وبينهم خلاف جوهري في كل ذلك “صحيفة (الفضل) في 30 من تموز ( يوليو ) 1931 م.

      وجاء أيضا في الصحيفة نفسها (المجلد الثالث) ما نصه “إن ميرزا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم “زاعما أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: )وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ( [كتاب إنذار الخلافةص”21″]، واستعرض المجلس أيضا ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجا كليا.

            وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق الكثيرة المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتحويل المسلمين عنها تحويلا وتضليلا، قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضا بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجا كاملا، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتابا ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان في العالم . . وبالله التوفيق. [العدد السادس والعشرون – الإصدار: من ذي القعدة إلى صفر لسنة 1409هـ 1410هـ/ من قرارات المجمع الفقهي/ القرار الثالث حكم القاديانية والانتماء إليها صفحة (330)].

            2ـ قرار المجمع الفقهي التابع للمؤتمر الإسلامي، فقد جاء في قراره ما يلي: (إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمر الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الآخر 1406هـ، الموافق 22 – 28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م.

 بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب إفريقيا بشأن الحكم في كل من القاديانية، والفئة المتفرعة عنها التي تدعي اللاهورية، من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه، وبشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية.

 وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر في الهند في القرن الماضي، وإليه تنسب نحلة القاديانية واللاهورية، وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين، وبعد التأكد من أن ميرزا غلام أحمد قد أدعى النبوة بأنه نبي مرسل يوحى إليه، وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه، وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوة ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم من الدين بالضرورة كالجهاد، وبعد أن اطلع المجمع أيضا على ما صدر عن المجمع الفقهي بمكة المكرمة في الموضوع نفسه، قرر ما يلي:

 أولاً: أن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح؛ لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتاً قطعياً يقينياً، من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده. وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام. وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. [مجلة المجمع (العدد الثاني، ج1، ص 209)].

3ـ هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، جاء في فتواهم ما نصه: (لقد صدر الحكم من حكومة الباكستان على هذه الفرقة بأنها خارجة عن الإسلام، وكذلك صدر من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الحكم عليها بذلك، ومن مؤتمر المنظمات الإسلامية المنعقد في الرابطة في عام 1394هـ، وقد نشر رسالة توضح مبدأ هده الطائفة، وكيف نشأت، ومتى إلى غير ذلك مما يوضح حقيقتها.

     والخلاصة: إنها طائفة تَدَّعي أن (ميرزا غلام أحمد الهندي) نبي يوحى إليه، وأنه لا يصح إسلام أحد حتى يؤمن به، وهو من مواليد القرن الثالث عشر، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه الكريم أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وأجمع علماء المسلمين على ذلك، فمن ادعى أنه يوجد بعده نبي يوحى إليه من الله عز وجل فهو كافر؛ لكونه مكذبا بكتاب الله عز وجل، ومكذبا للأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على أنه خاتم النبيين، ومخالفا لإجماع الأمة. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. [فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية] [الجزء رقم: 2، الصفحة رقم: (313)].

   إلى غير ذلك من الفتاوي التي صدرت من دور الإفتاء في كل الدول الإسلامية ومراكز البحوث القاضية بردة هذه الطائفة والمنتسبين لها.

        فخطر هذه الطائفة وكتبها عظيم جداً على دين الناس وعقائدهم، فالواجب جمع مثل هذه المؤلفات من قبل مؤسسات الدولة، والتصدي لناشريها وتعيين هيئات لمتابعة المكتبات ودور النشر والموزعين للكتب، وإيقاع أشد العقوبات لمن يضبط ينشر مثل الكتب والعقائد الفاسدة، فقد جاء عن عثمانَ بنِ عفانَ رضي الله عنه أنه قال: “إن اللهَ ليزعُ بالسلطانِ ما لا يزعُ بالقران”، فمؤسسات الدولة لها دورٌ كبيرٌ في منعِ كتبِ الانحرافِ والضلالِ عن الأمةِ والمسؤوليةُ عليهم عظيمة في حفظِ دين الأمةِ، وهذا من ضمن الضرورياتِ الخمس التي ينبغي على السلطانِ أن يحفظها، ويسد الذريعةَ الموصلةَ لانحراف عقيدة الناس، وقد كان من بعضِ سلاطين الإسلام أن منع نشر كتب الضلالِ والزيغِ في الأمةِ ، قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ في “[البدايةِ والنهايةِ (69/11)] في حوادثِ سنة (279 هـ): “وفيها نودي بأن لا تُباعَ كتبُ الكلامِ والفلسفةِ والجدلِ بين الناسِ، وذلك بهمةِ أبي العباسِ المعتضدِ سلطان الإسلام” ا.هـ.

        نقل ابن عبد البر عن مالك رضي الله عنه أنه قال: (لا تَجُوزُ الإِجَارَات والبيع فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالتَّنْجِيمِ …، وَذَكَرَ كُتُبًا، وَتُفْسَخُ الإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ، …، وَلا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ فِي الإِسْلامِ أَبَدًا، وَيُهْجَرُ وَيُؤَدَّبُ عَلَى بِدْعَتِهِ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَيْهَا اسْتُتِيبَ مِنْهَا) [جامع بيان العلم وفضله (69/2)]، وقال النووي -رحمه الله-: (قال أصحابنا: ولا يجوز بيع كتب الكفر؛ لأنه ليس فيها منفعة مباحة، بل يجب إتلافها، وهكذا كتب التنجيم والشعوذة والفلسفة، وغيرها من العلوم الباطلة المحرمة؛ فبيعها باطل؛ لأنه ليس فيها منفعة مباحة والله ـ تعالى ـ أعلم) [أحكام أهل الذمة (4521/3)]، وقال ابن القيم: (والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق زقاقها) [الطرق الحكمية (325)].

وعليه …، فإن هذه الجماعة التي تدعوا إلى هذا المذهب الإلحادي الضال ينبغي عقوبتها العقوبة الموجعة التي تكون بها عبرة لغيرها وتتبع نشاطها حتى لا ينتشر بين صغار الشباب …، والله الموفق.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                        الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                                     مفتي عام ليبيا

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق