طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

سداد مؤخر الصداق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1096)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا المحامي (س)، مقدم الطلب عن امرأة عقد عليها زوجها، وسمَّى لها صداقًا في عقد النكاح، قدره (50) خمسون ليرة ذهبية، وقد طُلِّقت الزوجة، واستحقت المهر بموجب حكم قضائي نهائي، حيث باشرت الزوجة إجراءات تنفيذ ذلك الحكم، ولم تجد مالاً ظاهرًا للمحكوم عليه، تستوفي منه حقوقها، إلا بالحجز على ربع مرتبه الشّهري لدى جهة عمله، فتحصَّلت على شهادة إدارية من أمين سوق الذهب والفضة بطرابلس، بشأن سعر صرف الليرة من الذهب مقابل الدينار الليبي، وكان سعر الليرة الذهبية في تاريخ إيقاع الحجز (414 د.ل) وقد قُيِّدت تلك الإفادة من مانحها بأنها صالحة لمدة عشرة أيام، نظرًا لتغيّر سعر الصرف من يوم إلى آخر، فهل يتعين شرعًا على الزوجة عند استقطاع ربع مرتب المحكوم عليه، وفاءً للصّداق الواجب لها، أن تقدِّم للجهة المحجوز لديها – أولاً بأول – شهادة إدارية بسعر صرف الليرة من الذهب، تكون صلاحيتها نافذة في تاريخ استقطاب الأقساط الشهرية، تنفيذًا للحكم الصادر لها، باعتبار أن سعر صرف الليرة حاليًا أعلى من القيمة المالية التي تم الحجز عليها، وهل يجوز للمحكوم عليه أن يتمسَّك بما ورد من قيمة مالية في الشهادة الإدارية الصادرة عن أمين سوق الذهب والفضة، عند إيقاع الحجز لأول مرة؛ لأنه في زيادة، أم أن ذلك لا يجوز له، ويتعيَّن عليه أن يرضخ لطلب المحكوم لها بوجوب دفع الأقساط الواجبة لها من مهرها، استنادًا للوارد بالشهادة التي يصدرها أمين سوق الذهب والفضة، والتي تكون صلاحيتها نافذة يوم الدفع والسَّداد، وهل تثبيتُ القيمة الواردة عند تاريخ إيقاع الحجز وعدم إعمال السعر الحقيقي من قبل الزوج، هو باب من أبواب الربا المنهي عنه شرعًا أم لا؟

 

الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

          فالأصل أن يسدد كامل الصداق، من الصنف المتفق عليه في وثيقة العقد: (خمسون ليرة ذهبية)، حالا عند بلوغ أجله؛ ففي المدونة: “قلت: أرأيت لو أن رجلا قال لرجل: أقرضني دينارا دراهم، أو نصف دينار دراهم، أو ثلث دينار دراهم، فأعطاه الدراهم، ما الذي يقضيه في قول مالك؟ قال: يقضيه مثل دراهمه التي أخذ منه، رخصت أم غلت، فليس عليه إلا مثل الذي أخذ منه” [المدونة الكبرى:51/3]، وله رد قيمة الذهب بالدينار الليبي، بسعر يوم وفاء الدين، بشرط أن يقبضه في المجلس الذي اتفقا فيه على تلك القيمة، دون تأخير؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ بالدنانير، فوقع في نفسي من ذلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في بيت حفصة، فقلت: يا رسول الله، رويدك أسألك؛ إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال: لا بأس أن تأخذهما بسعر يومهما، ما لم تفترقا وبينكما شيء) [أخرجه أبوداود:1967].

           فالواجب في هذه المسألة بعد حكم المحكمة بتقسيط الدين أن يتم تقسيطه ذهبًا، بأن يشتري الزوج في كل فترة من الزمن حسب التقسيط المجدول من المحكمة مقدار من الذهب ليرة أو نصف ليرة أو ربعها، حسب قدرته كل شهر أو شهرين أو نحو ذلك، ويسلمها للزوجة عن دينه ذهبًا، أما تقسيط الصداق المقدّر بالذهب نقودًا فهو ربا غير جائز؛ لما فيه من الصرف المؤخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ) [مسلم:1211/3] ، والله أعلم.     

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                               الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

26/جمادى الأولى/1434هـ

2013/4/7

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق