طلب فتوى
الأسرةالطلاق

طلاق الحامل، والحائض، والغضبان

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2189)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

طلقني زوجي، وأنا حامل، بقوله: “أنت طالق”، ثم أرجعني، ثم طلقني، وأنا حائض، فسأل أحد المشايخ فأفتاه بأن الطلاق في الحيض لا يقع، ثم طلقني الثالثة، وهو غاضب، ولكنه يعي ما يقول، فما حكم ذلك؟ علما بأننا وجدنا في بيتنا أوراقا بها طلاسم سحرية، وبها اسم زوجي أكثر من مرة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاق عند الغضب يقع ويلزم، إن كان المطلق وقت غضبه يعي ما يقول، ولو كان الغضب شديدًا؛ لحديث خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنه: (أنها راجعت زوجها، فغضب، فظاهر منها، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت تشكو إليه ما تلقى من سوء خلقه، فأنزل الله آية الظهار، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفارة) [ابن ماجه:2063]، فألزمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتكفير عن الظهار، الذي أوقعه في حال الضجر والغضب، ولم تسقط عنه الكفارة، والطلاق كالظهار، وأما إن كان السائل لا يعي ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه في حكم المجنون فاقد العقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتَلم، وعن المجنونِ حتى يَعقل) [الترمذي:1423]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طلاقَ ولا عتاقَ في إغلاقٍ) [أحمد:314/53]، وقال الصاوي رحمه الله: “يلزم طلاق الغضبان، ولو اشتد غضبه، خلافًا لبعضهم، وكل هذا ما لم يغب عقله، بحيث لا يشعر بما صدر منه، فإنه كالمجنون” [بلغة السالك:351/2].

وأما الطلاق في الحيض، فهو واقع على مذهب جماهير العلماء، من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “أنه طلق زوجته وهي حائض، فذكر عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ليرجعها)، قلت: تحتسب؟ قال: (فمه)؟” [البخاري:5449]، يقول النووي رحمه الله: “أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل، فلو طلقها أثم، ووقع طلاقه، ويؤمر بالرجعة؛ لحديث ابن عمر المذكور في الباب” [شرح صحيح مسلم:60/6].

عليه؛ تكونين قد بِنْتِ من زوجك بينونة كبرى، لا تحلين له حتى تنكحي زوجًا غيره نكاح رغبة، ثم يطلقك؛ لقول الله تعالى في الثالثة: )فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة:230].

وأما دعوى السحر فلا عبرة بها، ما دام الزوج لم يفقد الإدراك والإرادة والاختيار، فطلق بإرادته واختياره، وهو في كامل وعيه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07/ربيع الآخر/1436هـ

28/2015/01م

     

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق