طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

طلاق السكران

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1956)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

وقع شجار بيني وبين زوجتي، وأنا في حالة سكر شديد، وقمت بإيقاع الطلاق عليها، وأنا لا أدرك شيئًا مما قلته، وعندما أفقت أخبرتني زوجتي بأني طلقتها، بقولي: أنت طالق طالق طالق، ولم أتذكر شيئا من القصة، فهل تقع الطلقة المذكورة، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فطلاق السكران في حال غياب عقله، إن كان فيه نوع تمييز ـ وهو ما يسمى بالسكران المختلط ـ لازمٌ له، وإن كان السكران لا تمييز عنده، كظاهر حال السائل ـ وهو ما يسمى بالسكران الطافح ـ لا يعرف السماء من الأرض، ولا الرجل من المرأة، فهذا كالمجنون لا يلزمه طلاق ولا غيره، وهو قول عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ورواية محمد بن عبد الحكم في المذهب، واختيار ابن رشد والباجي، قال ابن رشد: “السَّكْرَانُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَسَكْرَانُ مُخْتَلِطٌ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاخْتِلَاطَ مِنْ نَفْسِهِ فَيُخْطِئُ، وَيُصِيبُ، فَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَفْعَالِهِ، وَأَقْوَالِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ ….، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ، وَالْعِتْقُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْحُدُودُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ، وَالْعُقُودُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رحمه الله تعالى، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ” [البيان والتحصيل 258/4]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الغرياني

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

9/رجب/1435هـ

2014/5/8م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق