طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

قسمة إجار بيت ورثة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1684)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توفي والدي، وترك لنا منزلاً من ثلاثة طوابق، وبه شقة كان الوالد يؤجرها بمبلغ (3600د.ل) في السنة، واستمررنا في إيجار الشقة المذكورة بعد وفاة الوالد من سنة 2009م إلى سنة 2012م، ويقسم الإيجار بين أختيّ لكل واحدة (800 د.ل)، والباقي تأخذه الوالدة لإنفاقه في صيانة البيت، وفي سنة 2012م، قمنا بتقويم البيت بمبلغ (800.000 د.ل)، وأخذ كل واحد منا نصيبه من التركة، وقمنا كذلك بقسمة نصيب الوالدة من البيت بالتراضي، وهي لاتزال قيد الحياة، فهل يحق لنا الرجوع على البنات بما أخَذْنَهُ من إيجارات بعد وفاة الوالد، وقبل قسمة التركة؟ وهل يجوز قسمة نصيب الوالدة، وهي لازالت على قيد الحياة؟ وهل إذا أعطينا أخواتنا البنات نصيبهن من ميراث الوالدة نعتبر ملاكًا للمنزل، وليس لهن الرجوع علينا بعد موت الوالدة؟ وهل للبنات حق مالي مقابل سكننا نحن الذكور في طوابق البيت الأخرى، طيلة المدة بعد وفاة الوالد، وقبل قسمة التركة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فكل ما تركه الوالد، وما نتج عنه يعد ميراثًا، ينتقل إلى جميع الورثة بتحقق موت المورث، ويصبح الورثة فيه شركاء بقدر أنصبائهم، قال الإمام الشاطبي: “إن قاعدة مذهب مالك أن سبب انتقال ملك الموروث إلى الوارث الموت، لا قسمة التركة، فإذا مات المورِّث انتقل الملك بأثر حصول الموت إلى من كان وارثا شرعيا، قسّمت التّركة أم لا، وعلى هذا المعنى تضافرت نصوص مالك وابن القاسم وغيرهما، في المدونة وغيرها” [فتاوى الإمام الشاطبي:175].

وعلى هذا، فما أخذته البنات من إيجارات يشترك فيه جميع الورثة، يرجع عليهن الورثة كل بقدر نصيبه.

وكذلك للبنات مُطَالَبَةُ مَنْ سَكَنَ البيتَ قبل قسمة التركة بأجرة المثل؛ لانتفاعه بالبيت طيلة المدة المذكورة، ويقسم أيضا على الورثة بقدر أنصبائهم.

ولكم أن تصطلحوا بأي وجه لا يكون فيه غبن لأحد من الورثة، كأن يعفو كلٌّ منكم عن ما يطالب به من مال بيد الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراما أو حرم حلالاً) [أخرجه أبو داود/ 3594].

وقسمة نصيب الوالدة من البيت المذكور إن كان برضاها، فهو ابتداء عطية منها، ولا يكون ميراثًا، ومن شرط الهبة تمام الحيازة بأن تُخْلِي الوالدة البيت؛ لتحقق الحيازة الشرعية التي ينتقل بها الملك، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث) [الرسالة: 117]، وفي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله) [2202].

والحيازة في العقار من بيت ونحوه يكون بتخلية البيت للموهوب لهم، قال مالك: “من حبس على صغار ولده دارا، أو وهبها لهم، أو تصدق عليهم، فإن حوزه لهم حوز، إلا أن يكون ساكنا فيها كلها أو جلها حتى مات، فيبطل جميعها” [التاج والإكليل: 26/6]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الغرياني

محمد الهادي كريدان

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

7/ربيع الأول/1435هـ

2014/1/8م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق