طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

قسمة مراضاة صحيحة لازمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2272)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

آمل منكم بيان الحكم الشرعي في الواقعة الحاصلة لنا نحن أبناء (ك)، حيث تم قسمة الأراضي الخاصة بالقبيلة، والتي آلت لنا بالإرث الشرعي عن أوائلنا، وتمت قسمتها بين أبناء القبيلة قسمة مراضاة، وقّع على هذه القسمة ممثلون من أبناء القبيلة، وحضرها شهود من أعيان المدينة وعلمائها، من مدة تزيد عن ثلاثين سنة، وباع كثير من أبناء القبيلة حصصهم؛ بناءً على هذه القسمة، والصلح المذكور، وتداولتها أيدي الناس، واليوم وبعد مرور هذه المدة الطويلة، قام بعض أبناء القبيلة بالطعن في عقد القسمة، والسعي في نقضه، وإحياء الخلاف والنزاع من جديد، مع أنه حضر القسمة المذكورة، ووقّع عليها من ينوب عنه فيها، وأخذ حصته بناءً عليها، وتصرف فيها بالبيع والشراء.

فهل يجوز شرعًا نقض قسمة المراضاة المذكورة، وفسخ الصلح القائم، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا كان الواقع كما ذكر في السؤال، فإن القسمة التي تراضى عليها الآباء ماضية، لازمة، لا يحق لأحد الرجوع عنها، ولو حصل بها غبن، ما دام الجميع قد رضوا بها، وكانوا بالغين راشدين، ومضت على القسمة مدَّة طويلة، سنة فأكثر؛ لأنها من العقود اللازمة، قال ابن رشد رحمه الله: “القسمة من العقود اللازمة، فإذا وقعت… بوجه صحيح جائز لزمت” [المقدمات الممهدات:104/3]، وقال الباجي رحمه الله في (المنتقى): “وأما قسمة المراضاة بغير تقويم ولا تعديل، فهو أن يتراضى الشركاء على أن يأخذ كل واحد منهم ما عُين له، ويتراضوا به من غير تقويم ولا تعديل، فهذه القسمة تجوز في المختلف من الأجناس، ولا قيام فيها لمغبون؛ لأنه لم يأخذ ما صار إليه على أنه على قيمة مقدرة ولا ذرع مقدر، ولا على أنه مماثل لجميع ما كان له، وإنما أخذه بعينه على أن يخرج بذلك عن جميع حقه، سواء كان أقل منه أو أكثر، وهذا الضرب أقرب إلى أنه بيع من البيوع” [المنتقى:391/5]، لاسيما وقد حضر الخصم القسمة وسكت ولم يعترض، وأخذ نصيبه كما هو مذكور في السؤال، قال ابن سلمون رحمه الله: “وإذا اجتمع الشركاء على القسم وقعد أحدهما، وقسم الباقون، وعرف قسمته وموضعه فمكث ولم يغير بقرب ذلك لزمه القسم، ومضى عليه” [حلى المعاصم لبت فكر ابن عاصم: 386/1]، ولا يضر دعوى البعض صغر السن زمن القسمة، بل هي لازمة له؛ لأن حضور وكيله كحضوره، كما قرر ذلك العلامة التسولي، [ينظر البهجة شرح التحفة:219/2].

عليه؛ فالقسمة المذكورة لازمة لكل المقتسمين، لا يجوز نقضها بعد هذه المدة الطويلة، والتصرف الكامل في الحصص من المقتسمين، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

25/جمادى الأولى/1436هـ

16/مارس/2015م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق