طلب فتوى
الفتاوىالمواريث والوصايا

قسمة ميراث

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2967)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

توفي جدي سنة 2004م، وتركَ ثلاثة منازل، لم تُقسم على الورثة إلى اليوم؛ لأنّ بعض الورثة أصرّ على رأيه؛ بمنحِ أحد البيوتِ للزوجةِ وابنتيها، المقيمتين معها، والبيت الثاني المؤجرُ يبقَى كذلك، ويُقسم ريعه على باقي الورثةِ، حسب الفريضة الشرعية، والبيت الثالثُ يباع، ويقسمُ ثمنه، ورفضَ بقية الورثةِ هذا الرأي، كان ذلك في سنة 2005م، والآن تمتْ الموافقةُ على القسمة الشرعية، ولكن بشرطِ أن ندفعَ إيجار المنزلِ الثالث طيلة السنوات الماضية، فاعترضنا؛ بحجة أننّا لسنَا مَن عرقلَ إتمام القسمةِ الشرعية، وأنّنا لم نستغلَّ البيتَ طيلة الفترة الماضية؛ لأننَا انتقلنَا إلى بيتٍ آخر، فما الحكم في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ميراث الميت ينتقل بموته إلى الورثة، ويجب على الورثة أن يبادروا إلى قسمة التركة، مِن حِين موت المورث، ولا يجوز لهم تعطيلُ القسمة، قال ابن رشد رحمه الله: “الميت إذا مات، فقد وجب لورثته اقتسام ماله، بعد تأدية الديون منه” [البيان والتحصيل:97/7]، والبيوت إذا لم يمكن قسمتها على الورثة، إلا بحصول ضرر على بعضهم، كأن يأخذ جزءًا يسيرًا لا يمكنه الانتفاع به، وطلب القسمة بعضهم وامتنع بعضهم، أُجبر الممتنع على البيع، إذا لم يكن فيه ضرر على أحد؛ قال ابن القاسم رحمه الله: “كل ما لا ينقسم من الدور والمنازل والأرضين والحمامات وغير ذلك، مما يكون في قسمته الضرر، ولا يكون فيما يقسم منه منتفع، فأرى أن يباع ويقسم ثمنه على الفرائض؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، وهذا ضرر” [المدونة:313/4]، وقال ابن أبي زيد رحمه الله: “وما انقسم بلا ضرر قسم من ربع وعقار، وما لم ينقسم بغير ضرر فمن دعا إلى البيع أُجْبِرَ عليه من أَبَاه” [الرسالة:136].

ومن حق الورثة مُطَالَبَةُ مَنْ سَكَنَ البيوتَ الموروثة قبلَ قسمةِ التركةِ بأجرةِ المثلِ، عنِ الفترةِ التي انتفعَ فيها بالبيت، إذا كان من سَكَنَ منتفعا بالبيت، وممتنعا عن القسمة، وتُقسم الأجرةُ على الورثة بقدر أنصبائهم.

وللورثة أن يصطلحوا بأيّ وجهٍ لا يكونُ فيه غبنٌ لأحدٍ من الورثة، كأن يعفو كلُّ واحدٍ عن ما يطالبُ به من مالٍ بيد الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا أحلّ حرامًا أو حرمَ حلالًا) [أبوداود:3594]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                               الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                           مفتي عام ليبيا

23/شعبان/1437هـ

30/مايو/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق