طلب فتوى
الفتاوىالمساجدقضايا معاصرة

كتابة لفظ الجلالة “الله” ومقابله اسم النبي “محمد” في المحاريب وغيرها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1796)

 

الإخوة اللجنة الإدارية بمسجد وسعاية ابديري:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم المشتملة على سؤالكم بخصوص كتابة لفظ الجلالة “الله” عن يمين المحراب، ولفظ “محمد” صلى الله عليه وسلم عن يساره، وهل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن توقير رسولِ الله صلى الله عليه وسلم واجب، ونصرته ومحبته المقدمة على النفس من شروط الإيمان، وقد رفع الله تعالى ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) [الشرح:3]، قال الطبري رحمه الله: “فلا أذكر إلا ذكرت معي، وذلك قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله” [الطبري:492/24]، فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة، إلا ينادي بها، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه – يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

                    وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ           إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

                    وشـقّ لــهُ مـنِ اسمـــهِ ليـجـلــهُ           فذو العـرشِ محمـودٌ وهـذا محمــدُ

لكن وضع اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم إلى جنب لفظ الجلالة في لوحات تعلق في المساجد أو المحاريب وغيرها، قد يوحي بالتسوية بين الخالق والمخلوق، وهو ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرجل الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما شاء الله وشئت”، فقال له: (أجعلتني لله نداً؟، بل ما شاء الله وحده) [مسند أحمد:1742]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد) [ابن ماجه:2109]، وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثَلاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهُ سَطْر) [البخاري:5878]، بل عندما جمع الخطيب اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اسم الله تبارك وتعالى في ضمير واحد، وقال: “وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى”، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ” [مسلم:1444]، وهذا كله يرشد إلى ما سبق من محاذرة التسوية بين الخالق والمخلوق.

والواجب الشرعي على كل من رأى رأيا بإصلاح شيء في المسجد، أن يصل إليه من خلال قنواته الصحيحة، وهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويتعاون معها، ويتقيد بالنظم التي تعممها فيما اختارته ورضيته من أقوال أهل العلم، ولايحل لأحد الخروج عليه، ولا تغييره من تلقاء نفسه، ولو كان يعتقد أنه منكر، وفعل شيء من ذلك بالقوة من الخروج على ولاة الأمر، فيما ارتضوه من الأمور الشرعية، لمصلحة الأمة وصلاح الدين، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وتوعد من خرج عليهم قيد شبر بميتة جاهلة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/ربيع الآخر/1435هـ

2014/2/25م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق