طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

ما حكم اشتراط منع الزوجة من العمل في عقد الزواج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3215)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا (خ)، أسأل عن حكم خروج المرأة المطلقة طلاقًا رجعيا، مِن بيت الزوجيةِ أو بيتِ أهلها، دونَ إذنِ زوجها، حيث طلقتُ زوجتي طلقةً واحدةً، ويقوم والدُها بأخذِها لدورة تدريبيةٍ لغرضِ الحصولِ على وظيفةٍ، بدونِ إذني ولا علمي، علمًا بأنني اشترطتُ عليها في عقد الزواجِ تركَ العمل، وسمحتُ لها بإتمام الدراسة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورةٍ، إلا بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروفِ، قال تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء:34]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) [البخاري:6830،مسلم:1840]، ولا يحل لوالدِ المرأةِ الخروجُ بابنته، ومساندتُها على ما يخلّ بحقوقِ الزوج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا) [أبوداود:2175].

وللزوج أن يمنع زوجته من الذهاب للعمل، إنْ رأى في ذلك ضررًا يعود عليها، أو على بيتها وأولادِها، وهو الذي يقدر المصلحة في خروجها مِن عدمه؛ لأن الله تعالى جعل له القوامة، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا من أموالهم) [النساء:34]، ولأنه الراعي على أهل بيته, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَالرَجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهوَ مَسْئولٌ عَنْهمْ) [البخاري:7138]، وعليه أن يتقي الله في هذه القوامة والرعاية، فينظر إليها بمنظار العدل والمسؤولية، التي تحقق المصلحة واستقرار الأسرة، وتربيتها على الفضائل والأخلاق الكريمة، لا أن يدفعه الغضب والعناد إلى الظلم وارتكاب الشطط، فيكون من الظالمين، وما التبس عليه مِن الأمرِ، فينبغي أن يَسألَ عنه أهلَ العلمِ.

وعليه؛ فاشتراط ما ذكر من الإذن بالعمل ونحوه في العقدِ، من الشروط المكروهة، نصَّ مالك رحمه الله على كراهته، وقال: لا يعقد النكاح على الشروط، وإنما يعقد على دين المرأة ومروءتها، فلا ينبغي التقيد بهذه الشروط، إذا كان في التقيد بها ضرر يعود على المرأة والأسرة، على نحو ما سبق, وهو ما عناه الونشريسي رحمه الله في قوله: “سئل عمن تزوج ماشطة، واشترطت عليه عند عقد النكاح أن لا يمنعها من صنعتها، وقَبِل ذلك منها، ثم أراد منعها من ذلك، فأجاب: لا يلزمه الوفاء بالشرط” [المعيار:336/1]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                          

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29/جمادى الأولى/1438 هـ

26/فبراير/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق