طلب فتوى
العقيدةالفتاوى

ما هو المذهب الاثنا عشري، وحكم التعبد به

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى (    )

 

السيد المحترم/ رئيس مكتب البحث الجنائي طرابلس.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد…

فبالنظر في كتابكم المشار إليه برقم: 2642/5/6، والمتعلق بإعداد مذكرة عن مذهب الشيعة، وحكم التعبد به، وبيان مدى موافقته للعقيدة الإسلامية الصحيحة، عليه؛ نفيدكم بالآتي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد…

فإن الشيعة الموجودين في العالم فرق متعددة، غير أن أكثر الفرق اليوم هي الاثنا عشرية (الإمامية)، وهي منتشرة في العراق وإيران وفي بعض دول الخليج، والشيعة الإمامية الاثنا عشرية هم تلك الفرقة من المسلمين الذين زعموا أن عليًا هو الأحق في وراثة الخلافة دون الشيخين (أبي بكر، وعمر)، وعثمان ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ، وقد أطلق عليهم الإمامية؛ لأنهم جعلوا من الإمامة القضية الأساسية التي تشغلهم، وسُمُّوا بالاثنى عشرية؛ لأنهم قالوا باثني عشر إمامًا، دخل آخرهم السرداب بسامراء على حد زعمهم. كما أنهم القسم المقابل لأهل السنة والجماعة في فكرهم وآرائهم، وهم يعملون لنشر مذهبهم ليعم العالم الإسلامي.

من هم الائمة الاثنا عشر؟ ومتى تأسس مذهب الاثنا عشرية؟

التأسيس، وأبرز الشخصيات:

الاثنا عشر إمامًا الذين يتخذهم الإمامية أئمة لهم يتسلسلون على النحو التالي:

1ـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يلقبونه بالمرتضى ـ رابع الخلفاء الراشدين ـ، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مات غيلةً حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40 هـ.

2ـ الحسن بن علي رضي الله عنهما، ويلقبونه بالمجتبى (50 هـ).

3ـ الحسين بن علي رضي الله عنهما، ويلقبونه بالشهيد (61 هـ).

4ـ علي بن الحسين (زين العابدين)، ويلقبونه بالسَّجَّاد (38 ـ 95 هـ).

5ـ محمد بن علي بن الحسين، ويلقبونه بالباقر (57 ـ 114هـ).

6ـ جعفر بن محمد الباقر، ويلقبونه بالصادق (83 ـ 148هـ).

7ـ موسى بن جعفر الصادق، ويلقبونه بالكاظم (128 ـ 183هـ).

8ـ علي بن موسى الكاظم، ويلقبونه بالرضا (148 ـ 203هـ).

9ـ محمد بن علي الرضا (الإمام الجواد)، ويلقبونه بالتقي (195 ـ 220هـ).

10ـ علي بن محمد الجواد (الإمام الهادي)، ويلقبونه بالنقي (212 ـ 254هـ).

11ـ الحسن بن علي الهادي (الإمام العسكري)، ويلقبونه بالزكي (232 ـ 260هـ).

12ـ محمد بن الحسن العسكري (الإمام المهدي)، ويلقبونه بالحجة، القائم، المنتظر، صاحب العصر والزمان، (256هـ ـ …). ويزعمون بأنه قد دخل سردابًا في دار أبيه بِسُرَّ مَنْ رأى (سامراء)، ولم يعد، وقد اختلفوا في سِنّه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات، وقيل ثماني سنوات، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً، وأنه من اختراعات الشيعة، ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم).

ومن شخصياتهم البارزة تاريخيًّا عبد الله بن سبأ، وهو يهودي من اليمن. أظهر الإسلام، ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة، وعدم الموت، وملك الأرض، والقدرة على أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق، والعلم بما لا يعلمه أحد، وإثبات البداء والنسيان على الله عزّ وجلّ ـ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا ـ، وقد كان يقول في يهوديته: إن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام، فقال في الإسلام: إن عليًّا وصي محمد صلى الله عليه وسلم، تنقل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة، وقال لعلي: “أنت أنت”، أي أنت الله، مما دفع عليًّا إلى أن يهم بقتله، لكن عبد الله بن عباس نصحه بأن لا يفعل، فنفاه إلى المدائن.

معتقدات مذهب الاثنا عشر

الأفكار والمعتقدات:

           1ـ يعتقدون بوجود مصحف لديهم اسمه مصحف فاطمة: ويروي الكُليني في كتابه الكافي في صفحة (57) طبعة (1278 هـ) عن جعفر الصادق: “وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه حرف واحد من قرآنكم”.

2 ـ البراءة: يتبرؤون من الخلفاء الثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وينعتونهم بأقبح الصفات؛ لأنهم ـ كما يزعمون ـ اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها، كما يبدؤون بلعن أبي بكر وعمر بدل التسمية في كل أمر ذي بال، وهم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن، ولا يتورعون عن النيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

3 ـ لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول، وهو عيد أبيهم (بابا شجاع الدين)، وهو لقب لَقَّبوا به (أبا لؤلؤة المجوسي)، الذي أقدم على قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

4 ـ الإمامة: وتكون بالنص؛ إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالعين لا بالوصف، وأن الإمامة من الأمور الهامة التي لا يجوز أن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الأمة، ويتركها هملاً يرى كل واحد منهم رأيًا. بل يجب أن يعين شخصًا هو المرجوع إليه والمعوَّل عليه.

5 ـ يستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة علي من بعده نصًّا ظاهرًا يوم غدير خم، وحادثة النص على الإمامة لا يثبتها محدثو أهل السنة ولا مؤرخوهم.

6 ـ يزعمون أن عليا قد نص على ولديه الحسن والحسين.. وهكذا..، فكل إمام يعين الإمام الذي يليه بوصية منه. ويسمونهم الأوصياء.

7 ـ العصمة: كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان، وعن اقتراف الكبائر والصغائر.

8 ـ العلم اللدني: كل إمام من الأئمة أُودع العلم من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم، بما يكمل الشريعة، وهو يملك علمًا لدنيًّا ولا يوجد بينه وبين النبي من فرق سوى أنه لا يوحى إليه، وقد استودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار الشريعة؛ ليبينوا للناس ما يقتضيه زمانهم.

9 ـ خوارق العادات: يجوز أن تجري هذه الخوارق على يد الإمام، ويسمون ذلك معجزة، وإذا لم يكن هناك نص على إمام من الإمام السابق عليه، وجب أن يكون إثبات الإمامة في هذه الحالة بالخارقة.

10 ـ الغيبة: يرون أن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلاً وشرعًا، ويترتب على ذلك أن الإمام الثاني عشر قد غاب في سردابه، كما زعموا، وأن له غيبة صغرى وغيبة كبرى، وهذا من أساطيرهم.

11 ـ الرجعة: يعتقدون أن محمد بن الحسن العسكري (المهدي)، سيعود في آخر الزمان عندما يأذن الله له بالخروج، وكان بعضهم يقف بعد صلاة المغرب بباب السرداب وقد قدموا مركبًا، فيهتفون باسمه، ويدعونه للخروج، حتى تشتبك النجوم، ثم ينصرفون، ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية. ويقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا، وسيقتص من خصوم الشيعة على مدار التاريخ، ولقد قالت الإمامية قاطبة بالرجعة، وقالت بعض فرقهم الأخرى برجعة بعض الأموات.

12 ـ التقية: وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين، ومن تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة، وهي واجبة، لا يجوز رفعها حتى يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه، فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية، كما يستدلون على ذلك بقوله تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة)، وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله: “التقية ديني، ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له”، وهم يتوسعون في مفهوم التقية إلى حد كبير.

13 ـ المتعة: يرون بأن متعة النساء خير العادات، وأفضل القربات، مستدلين على ذلك بقوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)، وقد حرم الإسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة، ولزواج المتعة آثار سلبية كثيرة على المجتمع تبرر تحريمه.

14 ـ المغالاة: بعضهم غالى في شخصية عليٍّ رضي الله عنه، والمغالون من الشيعة رفعوه إلى مرتبة الألوهية كالسبئية، وبعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ في الرسالة، فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بدلاً من أن ينزل على عليٍّ؛ لأن عليًّا يشبه النبي صلى الله عليه وسلم كما يشبه الغرابُ الغرابَ، ولذلك سموا بالغرابية.

15 ـ عيد غدير خم: وهو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر، ويسمونه بالعيد الأكبر، وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة، وهو اليوم الذي يدَّعون فيه بأن النبي قد أوصى فيه بالخلافة لعلي من بعده.

16 ـ يعظمون عيد النيروز، وهو من أعياد الفرس، وبعضهم يقول: غسل يوم النيروز سُنة.

17 ـ يقيمون حفلات العزاء والنياحة والجزع، وتصوير الصور، وضرب الصدور، وكثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشر الأُوَل من شهر المحرم، معتقدين بأن ذلك قربة إلى الله تعالى، وأن ذلك يكفر سيئاتهم وذنوبهم، ومن يزورهم في المشاهد المقدسة في كربلاء والنجف وقم..، فسيرَى من ذلك العجب العجاب.

أصول مذهب التشيع

الجذور الفكرية والعقائدية:

ـ انعكست في التشيع معتقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك والوراثة، وقد ساهم الفرس فيه؛ لينتقموا من الإسلام ـ الذي كسر شوكتهم ـ باسم الإسلام ذاته.

ـ اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمانوية والبرهمية، وقالوا بالتناسخ والحلول.

ـ استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية وبابلية.

ـ أقوالهم في علي بن أبي طالب، وفي الأئمة من آل البيت، تلتقي مع أقوال النصارى في عيسى عليه السلام، ولقد شابهوهم في كثرة الأعياد، وكثرة الصور، واختلاق خوارق العادات، وإسنادها إلى الأئمة.

ويتضح مما سبق: أن التشيع الأول بدأ كحزب يرى أحقية علي بن أبي طالب في الخلافة، ثم تطوَّر حتى أصبح فرقة عقائدية وسياسية، انضوى تحت لوائها كل من أراد الكيد للإسلام والدولة المسلمة، حتى إن المتتبع للتاريخ الإسلامي لا يكاد يرى ثورة أو انفصالاً عن الدولة الأم أو مشكلة عقائدية إلا وكان الشيعة بفرقها المتعددة وراءها أو لهم ضلعٌ فيها.

حكم المذهب الشيعي

          عليه؛ فإن المذهب الشيعي الاثني عشري الذي تتبناه إيران، وتعمل على نشره في كثير من البلدان، ومنها ليبيا، هو من المذاهب الباطلة المخالفة لأصول الإسلام وقواعده، ولا يمكن التقارب معهم بحال، ولا يجوز التعبد بمذهبهم، ويجب التصدي لدعاتهم بالقوة، وردعهم عن ممارسة نشاطهم التبشيري المضلل والمفسد لعقائد الناس. والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                                               مفتي عام ليبيا 

  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق