طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

ما هي شروط جواز الاعتصام

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى (181)

 

             ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:      

            هل يجوز الاعتصام أو تخفيض ضخ النفط لأجل زيادة الرواتب عن طريق المكافآت أو غيرها، إذا كان مدير الشركة أو مدير إحدى الإدارات غير أهل للمسؤولية، وذلك لما يقع من الظلم في الحقوق أو الفساد الإداري، وإذا قلنا إن الجهات العليا أُبْلغت، فكيف يكون التغيير بالصورة الشرعية؟

              الجواب:

              الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

              أما بعد:

              فإن التظاهر والاعتصام من حيث المبدأ حق مشروع، وهو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لابد من ضبطه بما لا يؤدي إلى مفسدة أعظم من المفسدة التي خرج من أجلها الناس، وأن يكون بالمظهر الحضاري اللائق فلا تجوز الاعتصامات المسلحة، وفرض المطالب على المسؤولين بالإكراه لأن ذلك يعد من الخروج على ولاة الأمر بالسلاح، وقد حذر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك.

            هذا مع مراعاة أن تكون مطالب المعتصمين مطالب عامة لصالح الوطن، لا بعزل فلان وبتنصيب فلان، فإن سبيل تغيير غير الصالح من المسؤولين هو تقديم الأدلة على إدانته والمطالبة بتنفيذها والتدرج في الضغط على ذلك، حتى تلبى المطالب، كما لا يجوز أن تكون الاعتصامات بقفل الطرقات، وإيقاف البث في القنوات الفضائية، وتعطيل المصالح، وشل المؤسسات الخدمية والحيوية التي لابد للناس منها كمؤسسات النفط، والمستشفيات والاتصالات، وغيرها مما يعتمد الناس عليها في حياتهم؛ لأن شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا يؤدي إلى مفسدة أعظم.

           ولمن له حق أو تظلم أن يطالب به دون ابتزاز واستعراض للقوة والسلاح حتى لوكان من يفعل ذلك مظلوما ويرى أنه على حق؛ لما يترتب على فعله من الظلم لغيره، والمظلوم لا يحق له أن يظلم غيره،؛ لقول الله تعـالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، فكيف تقفل طريق عامة هي السبيل الوحيد لآلاف الناس، منهم المريض الذي ينتظر دوره في المستشفى من شهور، ومريض القلب الذي لا يتحمل التأخير، والمرأة في المخاض، والمتأخر عن موعد ضيع عليه ماله، فمن المسؤول عن هذا الضرر في الأموال والأرواح؟ ومن يقفل الطريق على نحو ما ذكر، ويتسبب فعله في قتل أحد، أو ضياع ماله فهو مسؤول عن دية من مات وغرامة ما ضاع من المال.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15/جمادى الآخرة/1433هـ

2012/5/6

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق