طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

ما هي كيفية التخلص من النفايات البشرية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3216)

 

السيد/ المدير التنفيذي لشركة مرسيليا للنظافة وحماية البيئة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال التالي:

نحن شركة متخصصة في مجال التخلص من النفايات الطبية بالحرق والمعالجة، ومن هذه النفايات بقايا بشرية، مثل المشيمة، والأعضاء الداخلية المصابة بأورام، والأكياس، حيثُ اشترطت علينا الجهاتُ المسؤولة في مجال الطبِّ دفنَ هذا النوع مِن المخلفات، ويصعب علينا تجهيز مَدفَن خاصٍّ بالمخلفات الطبية؛ لأنه يحتاج إلى تجهيزات خاصة، وموانع تسرب، ويكون في مكان لا يمكن استعماله مرة أخرى في أيِّ مجالٍ، ويصنَّف مِن الأماكنِ الخطرة، علما بأن الأعضاء المصابة بالأورام لها أثرٌ بيئيّ على التربة والمياه الجوفية، فنرجو منكم إعطاءنا إذنًا شرعيًّا مؤقتًا بحرق هذا النوع من البقايا البشرية، التي تنتج كلّ يوم بسبب العمليات الجراحية، في القطاعين الخاص والعام، وإلّا فإن هذه البقايا ستُرمَى في مكبات القمامة، ويحصل بها الضرر على البيئةِ والحيوانِ، علما بأننا لا نقبلُ أيّ أعضاء بشرية خارجية، ويستلمُها عادةً أهلُ المريض لدفنها.

والجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجب دَفْنُ البقايا البشرية، الناتجة عن عمليات الاستئصالِ والولادة، وعدمُ حرقِها، وهذا يشمل كلَّ ما انفصل من آدمي؛ مِن جلدٍ وقلفة وأنسجة ولحم وعظم، بما في ذلك المشيمة، والأجزاء المصابة بالأمراض والأورام، وكذلك السقط إذا صار جامدًا، لا يتحللُ بصبِّ الماء عليه، فتُلَفُّ هذه الأجزاءُ بخرقةٍ – كما يُلفّ السقط – وتُدفن، وإنْ لم يكن لها حرمةُ الأمواتِ من حيثُ وجوب الغسل والصلاة عليه، قال العلماء: “وذلك كي لا يتفرّقَ ولا يقعَ في النارِ، أو في مزابلَ قذرةٍ” [تفسير القرطبي:102/2]، فإن الله تعالى يقول: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء:70]، وتكريمه يكون حيّا وميتًا؛ قال القرطبي رحمه الله: “قوله تعالى: (ألمْ نَجعَلِ الأَرضَ كِفاتًا) أي ضامّةً؛ تضمُّ الأحياءَ على ظهورِها والأمواتَ في بطنها، وهذا يدلُّ على وجوب مواراةِ الميتِ ودفنه، ودفنِ شعرهِ، وسائرِ ما يُزيله عنه” [الجامع لأحكام القرآن:161/19].

وقال الدسوقي رحمه الله عن السقط: “يُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَوَجَبَ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ” [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:423/1]، وقال الدردير رحمه الله عما لا يجوز استعماله من الجلد: “واستثنوا… جلد الآدمي لشرفه وكرامته، كما يعلم من وجوب دفنه” [الشرح الصغير:52/1]، وقال ابن مرزوق رحمه الله: “فإذا استعمل جلده كان على خلاف ما أمر الله من ستر جسده بالأرض، وقد دفن عروة رجله – التي أصابتها الأكلة – بعد أن غسلها وكفنها، ولم يصل عليها؛ لأنها من حي، نقله في النوادر عن ابن حبيب… ولا فرق في هذا بين معصوم الدم وغيره، فإن مواراة الكافر واجبة” [المعيار:73/1-74]، وقال القرطبي رحمه الله: “فإن جسد المؤمن ذو حرمة، فما سقط منه وزال عنه فحفظه من الحرمة قائم، فيحق عليه أن يدفنه، كما أنه لو مات دفن، فإذا مات بعضه فكذلك أيضًا تقام حرمته بدفنه” [الجامع لأحكام القرآن:102/2]، بل إن أهل العلم استحبوا دفن الشعر والظفر والسنّ ونحوها؛ لكونها أجزاءً مِن آدمي، ولِـما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يدفن الشعر والأظافر. [كتاب الوقوف والترجل للخلال:141].

وعليه؛ فيلزمكم التقيدُ بشروط جهات الاختصاص في وزارة الصحة، إذا قَبِلتم استلامَ هذه الأشياء؛ لأنها مطلوبة شرعًا، وينبغي أن تُدفن هذه المخلفات في المقابرِ كما يدفنُ الموتى، فلا يَرِد ما ذكرتموه مِن خوفِ تلوثِ البيئة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

30/جمادى الأولى/1438 هـ

27/فبراير/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق