طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

ما يأخذه موظف الدولة زيادة على مرتبه مما يخالف اللوائح والقوانين هو من الغلول المحرم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2058)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا صاحب شركة مقاولات، أقوم بالتعاقد مع مؤسسات الدولة على إنشاء مشاريع لهذه المؤسسات، وبعد توقيع العقد يرغمون صاحب شركة المقاولات على شراء سيارة للمهندس المشرف على المشروع، أو دفع مبلغ مالي بدلا عنها، علمًا بأن المهندس يتقاضى مرتبًا من الدولة على عمله، ولائحة العقود الإدارية الصادرة سنة (2007م) تنص على توفير وسيلة مواصلات وسائق للمهندس المشرف؛ ليتمكن من زيارة المشروع فقط، وإذا لم يشتر صاحب الشركة السيارة للمهندس، أو لم يعطِ بدلًا عنها مالًا، يهددونه بعدم تسليم مستحقاته المالية، المتفق عليها في العقد المبرم، فما حكم الشرع في مثل هذه الأفعال؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فما يقوم به بعض المسؤولين والمهندسين؛ من اشتراط ما ذكر في السؤال، زيادة على ما قررته اللوائح والقوانين المنظمة للعمل، هو من الغلول والسحت المحرم، الذي حرمه ربنا جل جلاله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لما روى أَبو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: “أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عَامِلا، فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ لَهُ: (أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا)، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، فَتَشَهَّدَ، وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ؛ فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ؛ إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ)، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ” [البخاري:6636، مسلم:1832]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن استعملناه على عمل، فرزقناه رزقًا، فما أخذ بعد فهو غلول) [أبوداود:2943]، فوق ما في ذلك من تضييع الأمانة، وأكل حقوق الناس بالباطل، والإضرار بهم، فالواجب على المسؤولين والمهندسين أن لا يأخذوا من المقاولين شيئا زائدًا على ما قررته اللوائح والقوانين، وأن يلتزموا باللوائح والقوانين؛ حمايةً للأمة، وحفظًا لأرواح الناس وممتلكاتهم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

6/ذو الحجة/1435هـ

2014/9/30م

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق