طلب فتوى
الزكاةالصلاةالعباداتالعقيدةالفتاوىالمساجدقضايا معاصرة

أسئلة متفرقة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (     )

السيد/ رئيس قسم الشؤون الثقافية والدعوية بمكتب أوقاف القبة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..،

تحية طيبة وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم المرسلة بتاريخ (14/3/2013م) بشأن إبداء الرأي الشرعي في مجموعة من الأسئلة وردت إليكم من بعض الناس، عليه نحيل إليكم الجواب، بسرد كل سؤال مذيلاً بإجابته.

السؤال الأول:

حكم مخالفة اللوائح والأنظمة

    ما نصيحتكم للإمام والخطيب الذي لا يعترف بوزارة الأوقاف، ولا يلتزم بلائحة تنظيم العمل بالمساجد، بعد أن وقع على الالتزام بالإجراءات الإدارية وخالفها، كما لا يعترف إلا برأي يأتيه من بعض العلماء من خارج البلاد، مع حرصه على أخذ المكافأة المالية من وزارة الأوقاف؟

   الجواب:

   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

   أما بعد:

   فإن وزارة الأوقاف هي الجهة التي لها الولاية الشرعية على المساجد، وهي المسؤولة عن تمكين الأئمة والخطباء، والطاعة لها من الأئمة والخطباء واجبة شرعًا، ما لم تأمر بمعصية؛ لقول الله تعالى: ( (،  ويدخل في ذلك التقيد التام بتعليماتها التي تعممها فيما اختارته من أقوال أهل العلم، وأن يقوم الإمام والخطيب بالمهمة التي كلف بها على أكمل وجه، طاعة لله تعالى، وحِلِّيَّةُ ما يتقاضاه من مرتب متوقفة على وفائه بعقد الوظيفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (المسلمون على شروطهم) [أبوداود: 3594]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

السؤال الثاني:

حكم زكاة عروض التجارة

     أنا صاحب صيدلية أردت أن أؤدي زكاة الصيدلية، فأخبرني بعض الشباب بأنه لا زكاة في عروض التجارة، وعندما سألت إمام أحد المساجد قال لي: بل فيها زكاة، فأصبحت في حيرة من أمري، فماذا أفعل؟.

   الجواب:

   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

   أما بعد:

   فتجب الزكاة فيما يعد للبيع، إذا حال عليه الحول وبلغ النصاب، لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع)[أبوداود:1562]، قال ابن رشد: “زكاة العروض ثابتة عن عمر وابن عمر رضي الله عنهما، ولا مخالف لهما من الصحابة، وبعضهم يرى أن مثل هذا هو إجماع من الصحابة”[بدايةالمجتهد:2/15]، قال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول”[المغني:3/58]، والله أعلم.

السؤال الثالث:

حكم مخالفة اللوائح والأنظمة

     ما حكم مايقوم به بعض أصحاب المخابز والجمعيات الاستهلاكية، من بيع الدقيق لمربي الأغنام لاستخدامه في علف الحيوانات، وما حكم المربي المشتري للدقيق كعلف لأغنامه؟.

الجواب:

   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

   أما بعد:

   فإن كان صاحب الجمعية أو المخبز يعلم أن المشتري يشتري الدقيق بكميات تدل على أنه يريدها للحيوان، فلا يجوز له أن يبيعه لمخالفته للَّوائح، ومخالفة اللوائح والقوانين لا تجوز شرعًا؛ لما فيها من خيانة للأمانة التي أؤتمن عليها المسؤولون في الجمعيات، وفي مخازن الدقيق، قال الله جل وعلا: )ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ( [الأنفال:27]، إلا إذا زاد الدقيق عن حاجة استعمال الناس، وخيف عليه الفساد، فيجوز علفه للحيوان حفظًا للمال من الضياع، والله أعلم.

السؤال الرابع:

حكم إعطاء زكاة الفطر نقودا

     أنا مسلم أحرص قدر المستطاع على العمل بما يرضي الله تعالى، ولكني مع حلول كل عيد فطر أجد نفسي في حيرة، ولا أدري هل قبلت صدقة الفطر مني أم لا، حيث إني من الذين يعطونها نقودًا، وهناك من يقول: إنها لا تقبل إلا طعامًا؟ فنرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا ما يريحنا ويريح الكثيرين؟

الجواب:

   الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

   أما بعد:

   فإن إخراج القوت في زكاة الفطر أَوْلَى، اقتداء بما كان عليه العمل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقد كانت السنة إخراجها صاعًا من قمح، أو صاعًا من شعير، مع أن النقد كان متداولا على عهدهم، فقد جاء في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحـر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) [البخاري:(1432)،مسلم:(984)]، وذلك لأن للتعبد ملحظًا في امتثال أمر الزكاة، وهذا قول جمهور أهل العلم، وذهب الأحناف إلى أن دفع القيمة فيها أولى، إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، وجوز ذلك بعض المالكية أيضا، كما في الصاوي على الشرح الصغير، والدر المختار [2/285].

وعليه؛ فلا يلزمك إعادة ما أخرجته في الماضي؛ لأنه وافق أقوال بعض أهل العلم، ويحقق مصلحة الفقير، والأولى في المستقبل أن تعطيها من القوت، والله أعلم.

السؤال الخامس:

حكم هجر المسلم

            التزمت منذ فترة، فقال لي بعض الإخوة: إن التزامك غير كامل مالم تهجر المخالفين، ومنهم إمام المسجد، ولا تأخذ الفتوى من فلان وفلان، وتأخذ الفتوى من فلان وفلان، فماذا أفعل مع خوفي من تغير قلبي ونفوري من المسجد؟.

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

            فإن هجر المسلم من المحرمات، بل من كبائر الذنوب إذا زاد على ثلاثة أيام، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)[البخاري:807]، وقال صلى الله عليه وسلم: (فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار)[أبوداود:4914].

والمسلم الذي يخالفك في الرأي لا يخرج عن الإسلام بالمعاصي وإن عظمت، فهو لا يزال أخاك، لايتم إيمانك إلا أن تحب له ما تحب لنفسك، ففي الصحيح من حديث أنس بن مالك  رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”[البخاري:ص26برقم13].

فلا يحل هجر صاحب المعصية، إلا بشروط:

1-      أن يثبت أنه من أهل المعاصي والبدع، فأكثر حالات الهجر اليوم هي بسبب التعصب لأمور خلافية، فقهية أو منهجية، يسوغ فيها الخلاف، ولا يحل الهجر من أجلها.

2-      أن يكون في الهجر مصلحة محققة، بحيث يكون رادعا للعاصي عن المعصية، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع كعب بن مالك وصاحبيه، الذين تخلفوا في غزوة تبوك.

وأكثر العصاة في هذه الأيام لا يزيدهم الهجر إلا مكابرة وتماديا في معصيتهم، ونفورا وتنفيرا عن أهل العلم والإيمان؛ فلا يكون في هجرهم مصلحة، لا لهم، ولا لغيرهم، والله أعلم.

السؤال السادس:

حكم التأخرعن موعد الدوام بعلم المسؤول

وحكم الانصراف قبل نهاية الدوام بعلم المسؤول

وحكم الغياب عن العمل بعلم المسؤول

            ماحكم الذهاب للعمل بعد الدوام بساعة أو أكثر، والانصراف قبل نهايته، والغياب بعض الأيام، بعلم المسؤول وإذنه؟.

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

            فلا يحل للموظف أن يخرج قبل انتهاء الدوام، ولا أن يتأخر عن بدء الدوام، ولا أن يخرج في أثناء الدوام, لأن هذا الدوام ملك للدولة، يأخذ عليه أجرا من بيت المال، لكن ما جرت به العادة بالتسامح فيه إذا لم يكن متكررا، مثل ما إذا دعت الحاجة إلى الخروج لأمر طارئ، واستأذن رئيسه أو مديره، فلا حرج فيه، ،والله أعلم.

السؤال السابع:

حكم الدخول في حزب سياسي

            هل يجوز شرعا أن أنتسب إلى حزب من الأحزاب؟.

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

فالأصل في العمل الجماعي أنه مشروع، لأنه نوع من التعاون والتناصر والتآخي على الحق، لقوله تعالى: ) وتعاونوا على البر والتقوى(  مـا لم يُـتخذ الانضمام للتجمع والحزب ذريعة إلى التحزب والتعصب للأسماء والشعارات، أو رفض الحق وإنكاره حين يأتي من خارج حزبه أو جماعته، فالمسلم عليه أن يوطن نفسه على قبول الحق من كل من جاء به، مهما كان شأنه أو انتماؤه، وأنّ عمله مع مجموعة ما، لا يعني براءته أو كرهه لغيرها، بل كل مؤمن يُوالَى ويُحب على قدر طاعته ودينه من أي طائفة كان، وأما عقد الولاء على اسم أو شعار أو شخص، والالتزام بكل تعاليمه ومواقفه؛ الحق منها والباطل، هذا محرم شرعا، والبيعة الواردة في الأحاديث إنما هي للإسلام، والإمام العام الذي يجتمع عليه الناس، وليس لفرد من الناس أو طائفة، ومنه يعلم أن مراعاة هذه الشروط للانضمام للأحزاب يصعب التقيد بها ومراعاتها، فمن يعلم نفسه أنه لا يقدر عليها، فلا ينبغي له أن يلتزم بها، ولا أن ينضم إليها، والله أعلم.

السؤال الثامن:

حكم الصلاة خلف الكذاب

ماحكم من يقدم نفسه عند غياب الإمام، وهو ممن يكذب لتحقيق أغراضه، وما حكم الصلاة خلفه، مع عدم اطمئناننا إليه؟.

الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

            فإن الكذب خصلة ذميمة، وعمل قبيح محرم، وهو من صفات المنافقين، والواجب عليكم نصح هذا الإمام بترك الكذب، وتذكيره بالله، وحثه على التوبة، والكذب موجب للفسوق، والصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة، وهي صحيحة إذا لم يتعلق فسقه بالصلاة، وتقديم غيره أولى، قال اللخمي: “إن كان فسقه لا تعلق له بالصلاة – كالزنا وغصب المال- أجزأته، لا إن تعلق بها كالطهارة”[مواهب الجليل:2/98]، قال أبو البركات الدردير: “والمعتمد أنه لا تشترط عدالته، فتصح إمامة الفاسق بالجارحة، ما لم يتعلق فسقه بالصلاة، كأن يقصد بتقدمه الكِبر، أو يخل بركن أو شرط، أو سنة”[الشرح الكبير:1/327]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

                                                              الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                        مفتي عام ليبيا

 

  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق