طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوى

مقدار الدية الكاملة في قتل العمد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2570)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

دخلتُ يوم 08/رمضان/1436هـ، أحد شوارع منطقة تاجوراء، أنا وزوجتي وابني وابنتي، وبعد دخولي الشارع حصلتْ علينا رماية، وأصيبت ابنتي بثلاث طلقات، أدت إلى وفاتها، اعترف الجاني بعدها بأنه كان ينوي قتل أناسٍ آخرين، وحصل اشتباه في السيارة، أُرسل لي بعدها من قِبَل أهل الجاني من يصالح على دفع الدية، وما زلنا في جدال حول قيمة الدية التي نصطلح عليها، لكن أبي حرَّج عليَّ في أخذها، وقال لي: عُرْفُنا يمنع مِن أخذها.

علما بأن الجاني قد دفع قيمة المصحة قبلَ وفاة ابنتي، وأن ابنتي رحمها الله قبل وفاتها قالت لي: إياك أن تعفو عنهم!

فماذا أصنع بارك الله فيكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن من أراد قتل نفس محرمة فأخطأ، وقتل أخرى اقتيد منه؛ لأنه من قبيل قتل العمد، فقد قَتَل الصحابة رضي الله عنهم عمرو التميمي بخَارِجة رضي الله عنه، ولم يلتفتوا لقوله: “أردتُ عمرا، وأراد الله خارجة”، قال الزرقاني رحمه الله: “وأمَّا غيره فيقتل، سواء لم يقصد قتله، أو قصد قتله بعينه، أو اعتقد أنه زيد فتبين أنه عمرو … فيقتل به … ويدل للأولى من هاتين: قاتل خارجة، فإنَّه قتله معتقدًا أنه عمرو بن العاص، فتبين أنه خارجة، فقتلوه، ولم يلتفتوا لقوله: أردت عمرًا، وأراد الله خارجة” [شرح الزُّرقاني على مختصر خليل: 8/12]، وأهل القتيل بالخيار، إمّا أن يقتصوا منه؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: 178]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كِتَاب الله القِصَاصُ) [البخاري:4229]، قال المواق رحمه الله: “لَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقْتَلُ القاتلُ” [التاج والإكليل: 703/8]، وإمَّا أن يعفو، قال عز وجل: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾ [الشورى:40]، وقال صلى الله عليه وسلم: (… وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا …) [مسلم:6757]، وإمَّا أن يصطلحوا على دية يدفعها الجاني؛ قال صلى الله عليه وسلم: (… وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ) [البخاري: 2254، مسلم: 2414].

والديةُ الكاملة في قتل العمد قدرها: (4250) جرامًا من الذهب الخالص، أو ما يعادلها من المال، وللمرأة نصفها، ففي الأثر: “فَرَضَهَا عُمَر رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ” [أبوداود:4542].

والصلح لا حدود لأكثره وأقله، فعن عدي بن ثابت قال: “هشَّم رجلٌ رجلًا على عهد معاوية رضي الله عنه، فأعطى ديته، فأبى أن يقبل حتى أُعطى ثلاثا…” [رواه أبويعلى:3708].

عليه؛ فيندب لكم العفو امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى، ويباح لكم إما القود، أو الاصطلاح على دية تحددونها للعفو على الجاني.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

14/ذو الحجة/1436هـ

28/سبتمبر/2015م

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق