من صور التعدي على المال العام

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3266)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

تصدر من بعض الجهات العامة، التي تموّل من الخزانة العامة، قراراتٌ لبعض الموظفين بمهام خارجية، لمدة أسبوعين أو أكثر، وذلك لإنجاز بعض المهام التي يُكلفونَ بها، وإعداد تقارير بعد هذه المهام، وتحدِّدُ الدولة لهم الغطاء المالي لهذه المهمةِ بالعملة الصعبة، فما حكم من يستلم المبالغ المخصصة له من هذه المهمة، وهو لم يذهب لها؟ علما بأن بعضهم يتحجج بعدم حصوله على التأشيرة، كما أنّ بعضهم لا يذهبُ حتى للدول المتاحة دون تأشيرة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ما يفعله مدراء ورؤساء أقسام هذه الشركة – أو غيرها – مما ذكر في السؤال، يعدّ من التعدي على المال العام بغير وجه حق ومن خيانة الأمانة، التي أسندت إليهم، وقد حذّر الله تعالى من خيانة الأمانة، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال:27]، وهو غشّ للرعية، التي استرعاهم الله تعالى إياها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبد يسترعيه اللهُ رعيةً يموتُ يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة) [مسلم:1459/4]، ومن التخوّض في مال الله بغير حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن رجالًا يتخوَّضونَ في مال الله بغيرِ حقّ، فلهم النارُ يوم القيامة) [البخاري:2950].

ولا يجوز للموظفين قبول هذه المكافآت، في حالِ عدم سفرهم، أو عدم قيامهم بعملهم على أكمل وجه؛ لأنهم لا يستحقون المال إلّا بالقيام بالعمل، قال صلى الله عليه وسلم: (واللهِ لا يأخذُ أحدٌ منكم شيئا بغيرِ حقِّه إلا لقيَ اللهَ يحملُه يومَ القيامة) [البخاري:9/28]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وإنّ هذا المال خضِرةٌ حلوة …. وإنه مَن يأخذه بغيرِ حقّه كالذي يأكل ولا يشبعُ، ويكون شهيدًا عليه يومَ القيامة) [البخاري:532/2]، وعلى الدولة محاسبة هؤلاء وأمثالهم؛ ليكونوا عبرةً لغيرهم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20/رجب/1438 هـ

17/إبريل/2017م