بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5901)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أتيت لشخص بعقار للإيجار، فاستأجره، وبقي فيه خمس سنوات حتّى انتهاء مدّة التّأجير، ثمّ اتّصل به مالك العقار، وأبلغه ضرورة الخروج منها؛ لنيّته بيعَه، فعرضتُ على الشّخص المستأجر شراءها، فقال لي: لا أريده، فقلت له: أريد أن أشتريَ العقار، فقال لي: مبارك عليك، فذهبت إلى مالك العقار بنيةِ الشّراء، وتفاهمت معه على الشراء وتوفير المبلغ المطلوب خلال مدة لا تتجاوز السنة، وعلى دفع أجرة المدة التي أبقى فيها بالعقار حتى تسليم الثمن كاملا، واستلمت العقار من المالك، وتفاهمت مع المستأجر الشاغل للعقار قبلي عن ثمن الممتلكات الّتي تخصّه في العقار، وقوّمت بخمسينَ أَلف دِينَار سلّمت في يده، كل ذلك بالتّراضي، ثمّ استلمت العقار، وصرفت عليه تجهيزات أخرى من مالي الخاص، بعد ستة أشهر اتصل بي صاحب العقار، وقال لي: أريدك في موضوع، فأتيت إليه، فقال لي: لا يوجد نصيب في البيع الآن، واتفق معي أن أبقى في العقار مستأجراً، عن الفترة السّابقة واللّاحقة، وبعدها سمعت من بعض التّجار بالسّوق أن المستأجر السابق يتهمني أنني ضحكت عليه، وأنه أولى بالعقار، فمن له الحقّ في البقاء في العقار الآن؟ علمًا أنه عند الاتصال بمالك العقار أفاد بأنه جاءه زبون لشراء العقار، قبل ستة أشهر من انتهاء عقد المستأجر الأول، فتذرع بالعقد وهو من حقه، فأبلغته بأنه بمجرد انتهاء العقد يخلي العقار، ولن أجدد له بعقد مرة أخرى، ثم تعاقد مع السائل على تأجير العقار بدون عقد، وأخبره بنيته البيع متى ما جاءه مشترٍ.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعدُ:
فعقد الإيجار هو من حق المستأجر مدة الإجارة، فإذا انتهت المدة المتعاقد عليها فليس له حق أولوية ولا خلوّ؛ لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فمن حق مالك العقار مطالبة المستأجر القديم بتسليمه العقار خاليًا من شواغله، بعد انتهاء السنوات الخمس المتعاقد عليها، وله أن يؤجره لمن شاء، بالثمن الذي يشاء، ولا حق للمستأجر القديم في مخاصمة صاحب العقار ولا المستأجر الجديد، ولا اتهامهما بالغش والخديعة؛ لأنّ عقده انتهى.
وأمّا الاتّفاق على احتساب أجرة ما يشغله المشتري إلى حين دفع الثّمن في أجله، فجائزٌ إذا اتّفق عليه وقت التّعاقد؛ لأنّ المالك باع العين واستثنى المنفعة مدّة أجل الثّمن، قال خليل: “وَجَازَ بَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ”، قال الدسوقي: “إِذَا بَاعَ الدَّارَ مَثَلاً بِمِائَةٍ عَلَى أَن تُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَقَدْ بَاعَهَا بِالمِائَةِ وَالِانتِفَاعِ بِتِلْكَ الدَّارِ تِلْكَ المُدَّةِ فَكَأنّ الْمبيعَ بِمِائةٍ وَعَشَرَةٍ مَثَلاً دَفَعَ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الْعَشَرَةِ الِانتِفَاعَ، وَبَيعُ الِانتِفَاعِ إِجَارَةٌ” [حاشية الدسوقي: 13/4].
وجاء في السؤال أن المالك طلب من المشتري فسخ البيع، فإن تم هذا الفسخ والإقالة بالتراضي بين البائع والمشتري فهي إقالة صحيحة، ورجع العقار إلى مالكه وله أن يؤجره إلى من شاء، أما إن كانت هذه مجرد رغبة من البائع ولم يرض بها المشتري، فلا اعتداد بها، والعقار لا يزال على ملك المشتري -وهو السمسار-، له أن يستغله، وله أن يؤجره إن شاء، وَاللّه أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13//رجب//1446هـ
13//01//2025م