بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2180)
ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالية:
السؤال الأول:
شخص يعرف بأنه موسر، إلا أن موزع الزكاة يخشى من أذاه إذا لم يعطه من أموال الزكاة، فهل يعطى منها خوفا من أذاه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مصارف الزكاة معروفة محصورة في ثمانية أصناف، قد ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز، قال تعالى: )إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( [التوبة:60].
عليه؛ فلا يجوز صرف الزكاة إلا في مصارفها الثمانية التي ذكرها الله تعالى، ولا يجوز صرفها لمن يخشى أذاه، والله أعلم.
السؤال الثاني:
هل يجوز أن أحسب الضرائب المفروضة عليّ من ضمن الزكاة الواجبة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز أن تُحسب الضرائب المفروضة من قِبل الدولة من الزكاة المفروضة في المال، بل يجب أن تُخرج الزكاة المفروضة التي نص عليها الله تبارك وتعالى في مصارفها؛ فإنّ مصارف الزكاة محصورة في ثمانية أصناف، قد ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز، قال تعالى: )إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( [التوبة:60].
السؤال الثالث:
عندي نخل وأجني التمر وأبيعه في السوق، فكم نسبة الزكاة فيه؟ وكيف أزكي عنه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتجب الزكاة في الثمار إذا بلغت خمسة أوسق، لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة) [البخاري:1390]، والأوسق: جمع وسق، وهو ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، مقدار زكاة الفطر، ووزن الصاع من القمح: 2.250 جراما، فيكون وزن الخمسة أوسق: 675.000 كيلوا جراما، وهو وزن النصاب من القمح والنصاب من التمر والحبوب بالكيل، وهو أربعون كيلة بالكيلة المتعارف عليها في بلادنا – طرابلس الغرب – التي تعرف (بالمرطة)، وتقدر الخمسة أوسق من التمر ـ مما شأنه الجفاف ـ جافا، فإذا كان تمر النخل خمسة أوسق، وهو أخضر، وإذا يبس نقص عن ذلك، فلا تجب فيه الزكاة، والمقدار الواجب في التمار والحبوب نصف العشر فيما يسقى بالآلة والجهد من الزروع والأشجار، وما كان منها يسقى بالمطر أو النهر، فيجب فيه إخراج العشر، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر) [البخاري:1412]، وما كان منها يسقى بالآلة تارة وبالمطر أخرى، وتساويا، فليخرج المزكي نصف زكاته على أساس نصف العشر، وإن تفاوت السقي كان للأقل حكم الأكثر جريا على قاعدة أن الأتباع تعطى حكم متبوعاتها، وقيل يؤخذ من كل بحسابه، قال الباجي رحمه الله: “وإن اختلف أمره، فكان مرة يسقى بالنضح، ومرة بماء السماء، فإننا ننظر، فإن تساوى الأمر فيهما كان عليه ثلاثة أرباع العشر، وإن كان أحد الأمرين أكثر كان حكم الأقل تبعا للأكثر؛ لأن التتبع له يشق والتقدير يتعذر، والزكاة مبنية عند المشقة في مراعاتها على المساواة بين أرباب الأموال ومستحقي الزكاة” [المنتقى:158/2]، ويتعلق الوجوب في التمر والحب بنضجه وجريان الحلاوة فيه، ويجب الإخراج عند القطف والحصاد؛ لقوله تعالى: )وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ( [الأنعام: 141]، والله أعلم.
السؤال الرابع:
هل يجوز إعطاء المسلم من الزكاة لأداء فريضة الحج؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مصارف الزكاة معروفة محصورة في ثمانية أصناف، قد ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز، قال تعالى: )إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( [التوبة:60].
عليه؛ فلا يجوز الإعطاء من أموال الزكاة لمن يريد أداء فريضة الحج، والله أعلم.
السؤال الخامس:
هل في الأغنام التي لا ترعى – بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية – زكاة أم أن الزكاة في الأغنام السائمة التي ترعى فقط؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتجب الزكاة في الأغنام سواء أكانت محبوسة وتعلف أو كانت سائمة ترعى؛ لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدى حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر، تطأه ذات الظلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن) [مسلم:988]، قال الدردير رحمه الله: “(وإن) كانت (معلوفة) ولو في كل الحول”، وفي أسهل المدارك: “ثم اعلم أنه لا فرق عندنا في الماشية بين أن تكون سائمة أو عاملة، أو معلوفة” [أسهل المدارك:280/1]، ولا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين شاة، ففي كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أنس رضي الله عنه: (وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها) [البخاري:1386]، والله أعلم.
السؤال السادس:
هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير الغير مكلف؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتجب الزكاة في مال الصبي، ويخرج الولي الزكاة من ماله نيابة عنه؛ ففي الموطأ: “عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة” [الموطأ:251/1]، قال الباجي رحمه الله: (قوله إنها كانت تليه هو وأخاً له، لعله يريد عبد الله بن عمر أخا القاسم بن محمد، فكانت عائشة – رضي الله عنها – تخرج الزكاة من أموالها، وهذا مروي عن عمر، وعبد الله بن عمر، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله؛ وقد قال ذلك عمر بن الخطاب للناس، وأمرهم به، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته) [المنتقى:110/2]، وفي المدونة: (قلت: هل في أموال الصبيان والمجانين زكاة؟ فقال: سألنا مالكا عن الصبيان، فقال: في أموالهم الصدقة، وفي حروثهم، وفي ناضهم، وفي ماشيتهم، وفيما يديرون للتجارة) [المدونة الكبرى:249/2]، والله أعلم.
السؤال السابع:
ما مقدار زكاة الفطر؟ وهل الأفضل فيها أن تخرج مالاً أو طعامًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتجب زكاة الفطر على رب البيت، وكل من تلزمه مؤنته، فيما زاد عن نفقته يوم العيد، فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير؛ على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
والصاع من القمح وزن 2.250 كج، ويستحب إخراجها من غالب قوت أهل البلد لا نقدا؛ اقتداء بما كان عليه المصطفى وأصحابه، فقد كانوا يخرجونها طعاما لا نقدا مع أن النقد كان متداولا على عهدهم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه “كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعا من طعام، أو صاعا من أقط، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب” [مسلم:985].
ويجوز إخراج القيمة إذا كانت للفقير أنفع، فيجوز عند بعض أهل العلم دفعها نقودا، ولكن إخراجها من القوت أولى؛ لأنه الثابت في السنة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05/ربيع الآخر/1436هـ
26/2015/01م