طلب فتوى
الزكاةالعباداتالفتاوى

أسئلة من جمعية خيرية تتعلق بالزكاة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2909)

 

السيد/ المدير التنفيذي لجمعية (خ).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة؛ وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم، بخصوص طلب الفتوى الشرعية في الأمور التالية:

ـ ما حكم إنشاء الجمعيات الخيرية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنشاء الجمعيات الخيرية مباحٌ شرعًا؛ لما فيه من إعانة الفقير والضعيف وذي الحاجة والتعاون على البر والتقوى، المأمور به شرعًا، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة:2]، وما كان من أعمال البر وسيلة لمقصد شرعي فهو شرعي، والله أعلم.

ـ هل يجوز للجمعية الخيرية استلام زكاة المال والحبوب، وغيرها من أصناف الزكاة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا مانع من استلام الجمعيات الخيرية لأموال الزكوات، وإنفاقها في مصارفها المحددة، التي ذكرها الله عز وجل في قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، وذلك وفق الضوابط الشرعية، والله أعلم.

ـ هل يجوز للجمعية توزيع جزء من أموال الزكاة، والاحتفاظ بجزء آخر ليتم توزيعه في وقت لاحقٍ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فللجمعية حرية التصرف في كيفية إدارة أموال الزكاة – على وفق الضوابط الشرعية – ولكن يُراعى في ذلك عدمُ تأخير دفع الزكاة لمستحقيها التأخيرَ الطويل ما دام هناك مصرف من مصارفها مستحق؛ لأنها حقهم الواجب إيصاله إليهم، ولا يشرع تأخيره وحجبه مادام هناك محتاج، والله أعلم.

ـ هل يجوز إعطاء موظفي الجمعية والمتطوعين مرتبات ومكافآت من أموال الزكاة، وتغطية بعض المصروفات؛ مثل القرطاسية وصيانة مقر الجمعية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فمصارف الزكاة معروفة، محصورة في ثمانية أصناف، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، والجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع الزكاة ودفعها إلى مستحقيها، لا مدخل لها في أصناف الزكاة الواردة في الآية، وهي وكيلة عن دافعي الزكاة؛ لإيصال الزكاة لمستحقيها، وليس لها حينئذ أن تأخذ شيئا من أموال الزكاة؛ لا لدفع رواتب الموظفين، ولا المتطوعين، ولا في مصارف القرطاسية أو غيرها، فمال الزكاة يجب أن يصل كاملا سالما إلى مصارفه، وذكر الفقهاء أنه لا يخصم منه شيء لأجرة نقل المال ولا غيرها، والله أعلم.

ـ هل يجوز الصرف من أموال الزكاة للجهات العامة، مثل: المستشفيات، والمراكز الصحية؛ لتوفير بعض الاحتياجات، أو لبعض الأشخاص لتوفير دواء وعلاج لهم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا يجوز صرف أموال الزكاة في المستشفيات والمراكز الصحية؛ لأن هذه الأماكن يرتادها الغني والفقير، والزكاة لها أصناف معلومة، ولا تعطى الزكاة للعلاج، إلا أن يكون المريض فقيرًا، فإن كان فقيرًا أعطي من الزكاة كما يعطى الفقراء، وله أن يعالج نفسه بالزكاة، أو ينفقها على نفسه، وهو في هذه الحالة يعطى بصفة الفقر، لا بصفة المرض، والله أعلم.

ـ هل يجوز صرف الزكاة لمن تتأخر مرتباتهم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فينظر في حالهم، إن كانوا ممن ليس له دخل ينفق منه غير مرتبه بأن كان محتاجا من مستحقي الزكاة أُعطي؛ لأنه ليس كل من تأخر مرتبه كان مستحقا للزكاة، فقد يكون له مصدر آخر ينفق منه أو تكون له مدخرات، والله أعلم.

ـ هل يجوز صرف الزكاة لشخص تعرض لضائقة مالية، على أن يقوم بترجيع المبلغ للجمعية حال تحسن وضعه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالزكاة تملك للفقير ولا تسلف، فمن كان في ضائقة إن كان من مستحقي الزكاة يعطى من مال الزكاة، ولا يطالَب بإرجاع ما أخذ بعد إن اجتاز ضائقته.

ـ هل يجوز استثمار أموال الزكاة من قبل الجمعية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجب صرف الزكاة إلى أهلها، المذكورين في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60]، فالزكاة حق لهؤلاء الأصناف في مال الأغنياء، فما دام أحد من هذه الأصناف موجودًا، فالواجب أن يدفع حقه إليه؛ لأن المقصود منها سدُّ الحاجة؛ والاستثمار قد يفوت هذه المصالح، فيحجب المال عن مستحقه في حين هو محتاج إليه، وكذلك إذا حصلت خسارة للمشروع ذهب المال، أو تأخر كثيرًا عن مستحقيه.

والذين أجازوا استثمار أموال الزكاة من العلماء المعاصرين، وبعض المجالس الفقهية، اشترطوا أن يكون ذلك بعد سد حاجة أهل الزكاة الماسة, فقد جاء في قرارات المجمع الفقهي: “يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية، تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين، وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسارة” [مجلة المجمع (العدد الثالث 309/1)].

وهذا الشرط غير متحقق؛ لأن المستحقين للزكاة من غير القادرين على الحصول على المسكن، أو غير القادرين على الزواج، أو عن سداد ديونهم، كثير، ويحتاجون إلى مئات الملايين لسد حاجاتهم، هذا على المستوى المحلي داخل كل بلد، فكيف ببلاد المسلمين الأخرى، التي تعاني مجاعات، وفاقة شديدة، وحاجة للعدة والعتاد في الجهاد، إلى غير ذلك، وإذا كان للسائل فائض من المال، ولم يعرف له مصرفًا، فعليه أن يستعين بمن يعرف؛ ليرشده، والمصارف كثيرة، والله أعلم.

ـ إذا أعطت الجمعية مال الزكاة لشخص، ثم تبين عدم أحقيته للزكاة، فهل يلحقها إثم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإذا اجتهدت الجمعية في التحري على من تدفع لهم الزكاة، وبذلت وسعها ولم تتهاون، ثم تبين أنه ليس من أهلها؛ فلا إثم عليهم، لعدم التفريط، والله أعلم.

ـ ما نصيب الزكاة لثمار الزيتون؟ وهل تعطى حبا، أم تستخرج زيتا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فتحب الزكاة في الزيتون لقوله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام:141]، فقد ذكر الله الزيتون مع أصناف أخرى من الزروع، ثم قال: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، فالزيتون فيه حق لله، وهو الزكاة، ولا يصح استثناء شيء من تلك الأصناف إلا بدليل خاص يستثنيه، وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما يستثني الزيتون من وجوب إيتاء الزكاة يوم الحصاد، وإذا بلغ حب الزيتون خمسة أوسق (أربعين كيلة) تقريبا، وجبت فيه الزكاة، والزكاة تجب في زيته بعد العصر، فيجب إخراج عُشر الزيت، إن كان الزيتون بعليا غير مسقي بالآلة، وإن كان مسقيا بالآلة فيجب إخراج نصف عشر زيته.

الأدلة: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا العشرُ، وما سُقي بالنضح نصفُ العشر) [البخاري:1483]، وقال الزهري: “مضت السنة في زكاة الزيتون أن تؤخذ، فمن عصر زيتونه حين يعصره فيما سقت السماء أو كان بعلا العشر، وفيما سقي برش الناضح نصف العشر” [التلخيص الحبير:180/2]، والله أعلم.

ما حكم التفرقة بين الأسر في العطاء عند توزيع الزكاة حسب عدد أفرادها

ـ عند قيام الجمعية بتوزيع الزكاة على المحتاجين، فإنها تضع فوارق بينهم، آخذة في الاعتبار عدد أفراد الأسرة، فهل يصح هذا الصنيع؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن العلماء ذكروا في باب الزكاة أنه يقدم مَن كان أشد حاجة وفقرًا، على مَن هو أحسن منه حالًا، قال الشيخ خليل رحمه الله: “وندب إيثار المضطر”، قال الدردير رحمه الله شارحًا له: “أي المحتاج على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها” [الشرح الكبير للدردير:498/1]، فيراعى الأشدُّ فقرًا على غيره، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

12/رجب/1437هـ

20/أبريل/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق