إخصاء القطط والكلاب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4795)
السيد المحترم/ رئيس لجنة إدارة المركز الوطني للصحة الحيوانية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم عمليات الإخصاء لقطط وكلاب الشوارع، نظرًا لكثرة شكاوى المواطنين من تزايد أعدادها، وللمشكلات الصحية التي قد تترتب على انتشارها.
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان في انتشار القطط والكلاب ضرر بنقلٍ للأمراض أو تعدٍّ على ممتلكات الناس كالطيور ونحوها، أو أذى للمارّة، فإنه يجوز أن يفعل بها ما يرفع ضررها من قتلٍ أو إخصاءٍ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضَرَر ولا ضِرارَ) [الموطأ:2184]، قال القاضي ابن العربي رحمه الله: “وَأَمّا مَا كَانَ فِيهِ النّفْعُ مِنَ الْإِخْصَاءِ فِي الْبَهَائِمِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْمَنَافِع للنَّاسِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَذَلِكَ كَإِخْصَاءِ الْغَنَمِ وَمَا يُنْتَفَعُ بِإِخْصَائِهِ لِطِيبِ لَحْمِهِ” [المسالك شرح الموطأ:7/482]، وقال ابن رش رحمه الله: “وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ، أَتَرَى أَنْ تُقْتَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرَى أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ مَا يُؤْذِي مِنْهَا، فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِيهَا، قُلْت لَهُ: فِي مِثْلِ قَيْرَوَانَ وَالْفُسْطَاطِ؟ قَالَ: نَعَم، أَرَى أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ مَا يُؤْذِي مِنْهَا”[البيان والتحصيل:9/355].
وما جاز قتله كالكلب العقور ونحوه، فإنه لا يجوز قتله بصورة تؤدّي إلى تعذيبه، كالقتل بالسم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ) [مسلم: 1955]، وإذا أمكن دفع ما ذكر من الحيوان بعلاجه أو إعطائه لقاحًا يأمن معه الناس ضرره، فلا ينبغي قتله؛ لأن المقصود دفع ضرره، فإذا تأتى دفع الضرر بالأدنى لم يجز بالأعلى، وفي تطعيمها وتحصينها من الأمراض أجرٌ ومصلحة، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطِبَةٍ أَجْرٌ) [البخاري: 2363]، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا) [مسلم:2245]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
27//رجب//1443هـ
28//02//2022م