طلب فتوى
2013البياناتصادر الدار

إلى العاملين بوزارة الداخلية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

           أما بعد:

        فإن العامل في وزارة الداخلية، أيّاً كانت طبيعة عمله، أمنية، أو إدارية وفنية، وسواء أكان في جهاز الشرطة، أو اللجنة الأمنية، أو الإسناد الأمني، أو الحرس الوطني، عليه أن يعلم أن الله تعالى ولاه ولاية، واسترعاه رعية، حمّله الله مسؤوليتها، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)، وأن يعلم أيضًا أنه إن أخلص في عمله، ووفّى في ولايته، واتقى الله تعالى فيها على الوجه الذي طلب منه، من حيث الكم، بالحفاظ على الوقت كاملاً، وبالاجتهاد في إنجاح عمله، والإتيان به على أكمل وجه، إن فعل ذلك، كان من أفضل عباد الله، ومن المقسطين، والمقسطون على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمان، وكلتا يديه يمين، ففي صحيح مسلم من حديث زهير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمان عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُوا)، ومن كان من الموَفِّينَ المُقسطين، كان ما يأخذه من مرتب حلالاً طيباً، يبارك الله تعالى فيه، ويكون قد أكل طيباً، وكسب طيباً، وإن لم يوفّ العامل في عمله على نحو ما ذكر، فصار يتغيب، أو ينقطع، أو لا يتغيب، لكنه يُقصِّر في مستوى أداء عمله، فقد غشّ وطفّفَ، والله تعالى يقول: {وَيْلٌ للمطفِّفِينَ}، وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من والٍ يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلاّ حرّم الله عليه الجنة)، ولا يحل له من مرتبه إلاّ بقدر ما أدى من عمل، فما يأخذه من مرتب وقت تغيبه وانقطاعه هو مال حرام، لا يُبارك الله تعالى فيه؛ لأنه مال أعطي له على شرط، وهو أن يؤدي عمله على وجه مخصوص، ولم يفِ بشرطه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري: (المسلمون عند شروطهم)، وقد ذكر أهل العلم أن كل من أعطي له مال على وجه لم يَتْحَقَّقْهُ من نفسه، فأخذُه له سُحتٌ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة كما في الترمذي: (يا كعب، إنه لا يربو لحم نبت من سُحت، إلاّ كانت النّار أولى به). والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم

 

                                                                   الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                               مفتي عام ليبيا

24/صفر/1434هـ

2013/1/6

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق