إنشاء صندوق تكافلي لمصاريف الوفاة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3442)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اتفق بعض الموظفين فيما بينهم على إنشاء صندوق تكافلي، لدعم وإعانة أسرة مَن توفي مِن المشتركين، فما حكم هذا الاتفاق؟ وهل يكون هذا المال المودع في حساب الزوجة المكلومة ميراثًا لجميع الورثة، أم تختص به الزوجة وأولادها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنشاء صندوق ليكون عونًا على وجوه البر؛ مثل تزويج العَزَب، وعلاج المريض، والإعانة على الدية في القتل، وسداد القرض عن المعسر، يعدّ أمرًا مشروعًا محمودًا، من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع جزءا من المال كل شهر إلى هذا الصندوق طواعية منه – لا يدفعها ليغامر بها، رغبة في أخذ أكثر مما يعطي وكسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره، عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها، حتى يدفعوها متعاونين – من يشارك في الصندوق بهذه النية يكونُ مأجورًا إن شاء الله، فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين، فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعامُ عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منّي وأنا منهم) [البخاري:2354]، فمالُ الأشعريين قد يصيب فيه أحدهم أكثر مما يصيب غيره، ومال الصندوق كذلك، قد يصيب فيه أحدُ المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فليس فيه غرر ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن.
وينبغي أن تكون مصارف الصندوق كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته؛ ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه؛ لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) [ابن ماجه:1612].
وعليه؛ فينبغي صرف هذا المبلغ لزوجة المتوفى بعد انتهاء مراسم العزاء، حتى تحصل المواساة، وتتجنبوا هذا المحذور، وهذا المال ملك للزوجة وأولادها، ولا يكون ميراثًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30/ربيع الأول/1439هـ
19/ديسمبر/2017م