إنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2478)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ترغب القبيلة في إنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي، باشتراكٍ سنوي لأفراد القبيلة، على سبيل التطوع والاختيار، ممن بلغ سن الثامنة عشر من الرجال، والنساء اللاتي يقدن السيارات، على أن يتم الصرف من الصندوق في حالات؛ الوفاة، والحوادث، ونحوها، فما هي الشروط الواجب توافرها في الصندوق؛ ليكون جائزًا شرعًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنشاء صندوق ليكون عونًا على وجوه البر؛ مثل التعويضات، وأداء دية القتل الخطأ، ونحوها، يعدّ أمرًا مشروعًا محمودًا، من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم:2699]، ومن يدفع جزءا من المال كل شهر إلى هذا الصندوق؛ طواعيةً منه – لا يدفعها ليغامر بها رغبة في أخذ أكثر مما يعطي، وكسب مال الآخرين، وإنما يفعل ذلك ليعين نفسه ويعين غيره، عندما تنزل به أو بهم نازلة لا يقدرون على دفعها، حتى يدفعوها متعاونين – مَن يشارك في الصندوق بهذه النية، يكون مأجورًا إن شاء الله، فقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين، فقال عنهم: (إن الأشعريين إذا أرْمَلوا في الغزو، أو قلَّ طعامُ عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منّي وأنا منهم) [البخاري:2354]، فمالُ الأشعريين قد يصيب فيه أحدهم أكثر مما يصيب غيره، ومال الصندوق كذلك، قد يصيب فيه أحدُ المشاركين أكثر مما يصيب غيره، فليس فيه غرر ولا غبن، كما لم يكن في ثوب طعام الأشعريين غرر ولا غبن، إلا أنه يجب أن يُعلم أن المرأة لا تتحمل الدية مع العاقلة؛ لأنها ليست من أهل النصرة، ولكن إذا جنت يُعقل عنها، قال ابن الحاجب: “ولا يُضرب على فقير ولا على مخالف في الدين ولا على عبد ولا صبي ولا امرأة” [مختصر ابن الحاجب مع التوضيح: 278/6].
وعليه؛ يجب استثناؤها من دية القتل الخطأ، ويشترط أن تكون مصارف الصندوق كلها مصارف مشروعة، وليس فيها إعانة على إنفاق غير مشروع، كدفع المال لمن يموت له أحد قرابته؛ ليعينوه على شراء الذبائح وإطعام الطعام، فإن طعام الميت منهي عنه؛ لما جاء في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة) [ابن ماجه:1612]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19/شوال/1436هـ
04/أغسطس/2015م