بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1533)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نريد إيضاح الفتوى رقم (1466)، حتى نتصرف التصرف الشرعي لمصلحة المتوفى، من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- هل يجوز مناقلة أرض الوقف بعد فتواكم بعدم جواز بناء مسجد؟
2- قولكم في الجواب: “والأولى أن يُصرف هذا الوقـف في تعمير مسجد قائم أو بتأسيس معهد علمي…” فهمنا منه أن هذا الوقف يباع، ويتصرف في ثمنه فيما ذكرتم؟
3- رصدنا مبلغا تبرع به الورثة لبناء المسجد، فكيف يتم التصرف في هذه الأموال؟
4- هل يجوز بناء مستوصف عام عن طريق الدولة على أرض الوقف، وصرف المبلغ المرصود في مسجد أو معهد شرعي، ونحو ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز بيع أرض الوقف، ولا مناقلتها، وإن وجدت المصلحة في ذلك، ما دام بالإمكان الاستفادة منها، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (تصدق بأصله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره)[البخاري:2764]، وقال المواق رحمه الله: “لا يجوز إبدال الحبس ولا بيعه، ويترك على ما كان عليه في السنين الماضية؛ إعمالًا لقصد المحبس، واتباعًا لشرطه، فلا يجوز بيعه وإن ظهرت المصلحة في بيعه؛ لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذن”[المعيار:134/7]، فما فهمتموه غير صحيح، والمقصود استثمار أرض الوقف، وصرف الريع فيما ذكر، فعلى الورثة أن يعملوا على استثمار هذه الأرض بالكراء، أو إعطائها لمن يحسن استثمارها، ويزيد من ريعها، والمبلغ المرصود يصرف في بناء مسجد في مكان بعيد، يحتاج الناس فيه إلى مسجد، أو تعمير مسجد قائم، أو تأسيس معهد علمي شرعي، أو استثمار الأرض الموقوفة ببناء سوق تجاري عليها، ويصرف ريعه على تأسيس المعاهد الشرعية والمؤسسات الخيرية والمصالح العامة، ولا يجوز بناء مستوصف على أرض الوقف؛ لأن في هذا مخالفة لشرط الواقف، والواجب اتباع شرط الواقف في الأرض المحبسة، فإن حبسها الواقف على أن تكون مسجدًا عمل بشرطه إن احتيج لمسجد، وإن حبسها لتزرع ويصرف ريعها في مصرف معين عمل بما شرط، ما لم يكن فيما نص عليه الواقف ما يخالف الشرع، وعدمُ تنفيذها على وفق شرطه، مع توفر الشروط وانتفاء الموانع، يوقِع في الإثم؛ لقوله تعالى: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[البقرة:181]، إلا أن ترى وزارة الأوقاف المصلحة المحققة في تغيير الحبس، أو البناء عليه، فلها ذلك.
ويجب الرجوع للجهة المخولة من قبل الدولة – وهي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – لتراقب القائمين على نظارة هذا الوقف، وصحة عقد استثماره، وملاءمته، وعدم المحاباة فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
غيث محمود الفاخري
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/ذو الحجة/1434هـ
2013/10/28م