بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4493)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اختصمتُ مع زوجتي فقلت لها: “إن خرجت من البيت من غير إذني فأنت طالق، وقد كانت حاملا، ثم جاء أبوها وأخرجها دون علمي، ثم استفتيت أحد مشايخ منطقتي فقال لي إن الطلاق غير واقع، ثم بعد ذلك أجبرني عمي أن أتلفظ بالطلاق أمام القاضي فتلفظت به، فكم طلقة أوقعتها؟ وهل لي أن أراجعها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن سألت من تثق في دينه وعلمه ولم تكن الفتوى بأجرة أعطيتها لمن أفتاك في الطلاق، فلا يطلب منك أن تسأل غيره؛ لقول الله تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء:7]، وإن كان الأمر غير ذلك فعليك أن تُبين ذلك لمن تريد أن تستفتيه مرة أخرى.
وأما طلاق الزّوج أمام القاضي فهو طلاقٌ رجعيٌّ، ولا يعدّ بائنًا إلّا إذا أوقعته الزوجة أو الحاكم؛ قال الشيخ الدّردير رحمه الله: “(وَبَانَتْ بِكُلِّ طَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ أَوْقَعَتْهُ الزّوجَةُ أَوِ الحاكِمُ)، وعلّق الدسوقي رحمه الله على ذلك بقوله: “(وَأَمَّا لَوْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا، وَلَوْ جَبَرَهُ القَاضِي عَلَى ِإيقَاعِهِ وَحَكَمَ بِبَيْنُونَتِهِ بِأَنْ قَالَ: حَكَمْتُ بِأَنَّهُ بَائِنٌ” [حاشية الدسوقي: 2/352].
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال؛ فلا تلزمك الطلقة التي سألت عليها مَن تثقُ في دينه، وتكون قد وقعتْ على الزوجة طلقةٌ واحدةٌ رجعية، هي التي أوقعْتَها أمام القاضي، ويجوز للزوج أن يرجع زوجته إلى عصمته، ما لم تخرج من العدة، ويكفي في ترجيعها أن يقول: (رجعت زوجتي لعصمتي)، فإذا خرجت المرأة من العدّة فمراجعتها تكون بعقدٍ جديدٍ، قال الخرشي رحمه الله: “وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ (فِي عِدَّةٍ) مَن انقَضَت عِدَّتُهَا، فَإِنَّهَا لاَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ” [شرح المختصر:4/80]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(أعطيت هذه الفتوى بناء على طلب المستفتي وإقراره بأن القضية موضوع الفتوى ليست معروضة على القضاء، وإذا ثبت خلاف ذلك فتعد الفتوى لاغية ويخضع صاحبها للمساءلة القانونية)
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21//رمضان//1442هـ
03//05//2021م