طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

ادعاء الزوجة إيقاع الطلاق من الزوج ونكران الزوج ذلك

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5295)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

طلقني زوجي مراتٍ عدة، كان أوّلُها بقوله: طالق طالق طالق، وهو ينكر ذلك، ويقول: لم أقلها إلّا مرة واحدة، ثم بعد فترة حلف بقوله: “عليَّ الطلاق بالثلاثة ما عاد خاش الحوش”، ثم دخل البيت، وهو ينكر الدخول الآن، ثم بعد فترة حلف بالطلاق على ألا نركب سيارته من جديد، وقد فعلنا، وهو ينكر الحلف الآن، وحلف بالطلاق مرّة على ألا يأخذ البنتَ للعلاج، ثم أخذها، وهو ينكر هذا أيضًا، فما هو الحكم الشرعي في هذه الطلقات؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالقول في إيقاع الطلاق على المرأة مِن عدمه هو قولُ الزوج، فإذا قالت المرأة إن الزوج طلق، وهو يقول لم أطلق، وأنكر؛ فالقول قوله؛ لأن العصمة بيده، ما لم تأتِ الزوجةُ ببيّنةٍ تثبتُ صحةَ دعواها، والواجب على الزوجةِ ديانةً، إنْ علمت طلاقَها الذي أنكرَه الزوجُ؛ أنْ تمنعَ نفسَها مِن زوجها، حتّى يفصلَ بينهما القضاء؛ إذ لا يجوزُ لها أنْ تمكنَهُ مِن نفسِها وهي تعلم أنها مطلقةٌ طلاقًا بائنًا؛ قال ابن جزي رحمه الله: “إِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا، وَأَنْكَرَ هُوَ، فَإِنْ أَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ؛ نَفَذَ الطَّلَاقُ… وَإِن لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ، وَعَلَيْهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ جَهْدَهَا، وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ حَنِثَ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ” [القوانين الفقهية: 2/153]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَا تُمَكِّنُهُ) الْمُطَلَّقَةُ، أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِن نَفْسِهَا، (إِنْ عَلِمَتْ بَيْنُونَتَهَا) مِنْهُ، (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهَا تُقِيمُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا، (وَلَا تَتَزَيَّنُ)، أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهَا الزِّينَةُ، (إِلَّا) إِذَا كَانَتْ (مُكْرَهَةً) بِالْقَتْلِ، (وَتَخَلَّصَتْ مِنْهُ) وُجُوبًا (بِمَا أَمْكَنَ) مِنْ فِدَاءٍ أَوْ هُرُوبٍ” [الشرح الصغير: 2/592].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، من أن الزوجة على يقين من إيقاع زوجها الطلاق ثلاثًا، وأنه فعل المحلوف عليه بطلاق الثلاث، وقد تكرر منه ذلك؛ فلا يجوز لها الرجوع إليه، ولا أن تمكنه من نفسها، لأنها تعلم أنها بانت منه بينونة كبرى بوقوع الطَّلَقَات الثلاث، والواجب عليها رفعُ أمرها للقضاء، وإثباتُ حالات الطلاق إن كانت لديها بينة عليها، أو طلبُ الفراق منه، ولو بخُلع تدفعه له، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

19//صفر//1445هـ

04//09//2023م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق