بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (968)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أوقفت امرأة قيراطاً من تسعة أقرط في قطعة أرض قديمة، صدقة جارية على الفقراء الذين يجلسون للذكر بالتهليل والتسبيح، ما يسمى عندنا بـ(التاليف)، فإن لم يوجدوا فعلى الفقراء، وقد أوصت الواقفة بأن يكون هذا الوقف تحت يد ابنها، وإذا توفاه الله تعالى يكون تحت أبنائه الذكور، فهل يجوز لأحد الأبناء الذكور أن يُغيّر نوع الاستثمار المحدّد في الوصية في الأرض الموقوفة إذا خربت، ولم يمكن الانتفاع بما فيها؟ ويأخذ نسبة من هذا الاستثمار؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز لناظر الوقف أن يستثمره بمقابلٍ لنفسه، أو لأحد أقاربه؛ لما في ذلك من تهمة المحاباة، ولأنه بمنزلة الوكيل ونحوه، ممن لا يتصرف لنفسه إلا بإذن، فإن تعدى وفعل تعقبه القاضي، فيمضي إن كان صواباً، ويرد غير الصواب، قال ابن مرزوق رحمه الله: “وحيث تكون له أجرة المثل، فالذي يمكنه منها، وينظر في تقديرها، الإمام الأعظم، أو نائبه، أو قاضي الجماعة، ولا يتولى ذلك الناظر بنفسه؛ لأنه كالوكيل والوصي وشبههما، ممن لا يشتري من نفسه، ولا يبيع منه، ولا ممن يتنزل منزلته من أقاربه وغيرهم، فإن فعل تعقبه الحاكم بالنظر، فيُـمضي الصوابَ، ويرد غيره”[المعيار:379/7]، وللناظر أن يؤجره لغير أقاربه، قال القرافي رحمه الله: ” وعلى الناظر في هذا الوقف أن يؤجره لمن شاء من طويل المدة وقصيرها، بما يراه من الأجرة المعجلة أو المؤجلة، بأجرة المثل فما فوقها”[الذخيرة:423/10]، وإذا خرب الوقف، ولم يمكن تعميره من ريعه وغلته، ولا أمكنت إجارته بما يعمر به، فيجوز أن يعطى لمن يعمره، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/ربيع الآخر/1434هـ
2013/3/3