استخدام بطاقة (فيزا انترنت) بمصرف التجارة والتنمية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1645)
السادة المحترمون/ مصرف التجارة والتنمية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة وبعد:
فإنه بالنظر إلى السؤال المتكرر حول استخدام بطاقة (فيزا انترنت) مدفوعة القيمة مقدمًا، التي يصدرها مصرفكم، فإننا نحيل إليكم الملاحظات الصادرة من دار الإفتاء، بخصوص شروط التعاقد التي أعدها المصرف لاستخدام البطاقة المذكورة، والتي تبين أن بها بعض المحاذير الشرعية، وتتمثل في الآتي:
الأول: اشتمال بعض شروط العقد على الربا المحرم، وذلك كما في الشرط العاشر من شروط العقد الذي جاء فيه: (في حال كشف حساب البطاقة لأي سبب، يلتزم حامل البطاقة بسداد هذا الرصيد فورا، بالإضافة إلى أي نسبة يحددها المصرف)، فاشتراط نسبة يحددها المصرف على ما يسحبه العميل عند السحب على المكشوف هو من الربا؛ لأن استعمال بطاقات الائتمان في حال السحب على المكشوف، هو في حقيقته قرض من المؤسسة لحامل البطاقة، فلا يجوز لمصدر البطاقة أن يأخذ أكثر من المبلغ الذي اشترى به صاحب البطاقة تلك البضائع.
وكذلك لا يحق لمصدر البطاقة أن يأخذ من العميل سوى مبلغ مقطوع، لا يزيد على التكلفة الفعلية للخدمات، وأجرة الآلات والمصاريف الإدارية، وهذه الأجرة لا تختلف باختلاف قدر المال المسحوب، فأخذ نسبة تزيد بزيادة المال المسحوب في كل مرة يندرج في الربا المحرم.
أما أخذ المصرف رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد أو السحب، بصفتها أجرا فعليًّا على قدر الخدمات المقدمة، فلا حرج فيه.
الثاني: عدم انضباط سعر الصرف الوارد في المادة رقم (11) ونصه: (كافة استخدامات البطاقة على شبكة الإنترنت بالدينار الليبي، أما بالنسبة لاستخدام البطاقة بالعملات الأجنبية، فيتم تقييمها بالدينار الليبي، مع التزام حامل البطاقة بفروق الأسعار الناشئة عن هذا التقويم، الذي يحدده المصرف بإرادته المنفردة، دون اعتراض على ذلك من حامل البطاقة)، والذي ينبغي أن يكون عندما يتم الصرف بعملة أخرى، هو أن يأخذ المصرف القيمة بالدينار الليبي من الحساب، بسعر الصرف في ذلك اليوم، ويحسم الأمر ولا يتركه معلقا، أما بقاء ما يترتب على المعاملة من التزامات معلقا فهو غير جائز؛ لأنه إن كان المصرف يدفع العملة الأجنبية عن حامل البطاقة على سبيل القرض، ثم يستوفي منه ذلك في يوم السداد بعملة أخرى، بسعر يوم السداد، فهذا لا يجوز؛ لأنه من اجتماع سلف وبيع، بالإضافة إلى أنه إذا كان الرد بعملة مخالفة مشترطا في العقد، ففيه سبب آخر للمنع، وهو الدخول على الصرف المؤخر.
وإذا كان المصرف يسدد الثمن بالعملة الأجنبية عن حامل البطاقة على سبيل المصارفة ابتداء وليس القرض، ولا يحدد مقدار المساوي من العملة التي يأخذها إلا يوم السداد، فهذا أيضا لا يجوز؛ لعدم التقابض الفوري في الصرف.
الثالث: عدم رد المبلغ كاملا، إذا كان قليلا؛ ففي الشرط الثامن عشر من العقد: (إذا انتهت صلاحية البطاقة وبها خمسة دولارات فأقل لا ترد إلى صاحبها)؛ لأن هذا لا مسوّغ له، ويُعدُّ من أكل أموال الناس بالباطل، وإذا كان الإلغاء بطلب أحد الأطراف دون موافقة الآخر، فعلى الذي طلب الإلغاء أن يتحمل تبعات التكاليف، لا غيره.
الرابع: جاء في الفقرة (24): (يلتزم العميل بالتعليمات التي تصدرها منظمة الفيزا العالمية، وما يطرأ عليها من تغيرات وتعديلات، تجريها المنظمة المعنية، كجزء لا يتجزأ من التزاماته الواردة بهذه الشروط)، ما جاء في هذه الفقرة ينبغي أن يقيد بالنص الآتي: “ما لم يتضمن التعديل أو التغيير المشار إليه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية”.
الخامس: جاء في الفقرة (25) أن البنك يحتفظ بحقه في تعديل أو تغيير أي من هذه الشروط، دون الرجوع إلى حامل البطاقة، وأن تلك التعديلات لا تحتاج إلى موافقة حامل البطاقة، مثل هذا الشرط على إطلاقه لا يجوز، وينبغي أن يقيد- هذا أيضا – بعبارة: “بشرط ألا يتضمن محظورا شرعيا”.
ودار الإفتاء تكون ممتنة لإدارة المصرف إذا أخذت الملاحظات المذكورة في الاعتبار، وعدَّلت النماذج بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وترحب بأي مزيد من طلب التوضيح، والتشاور، وذلك حتى يطيب المال، ويُقبل الناس على المعاملة الحلال، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/صفر/1435هـ
2013/12/26م