بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1258)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
هل يجوز إحضار الأطفال للمساجد؟ وأين يقفون؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فاصطحاب الأطفال إلى المساجد جائز في الأصل، وقد دلت على ذلك جملة من النصوص، كصلاته صلى الله عليه وسلم وهو حامل أمامة بنت بنته، وتخفيفه الصلاة لسماع بكاء الصبي؛ لئلا يشق على أمه، ولا شك في أن لذلك من المصالح التربوية ما لا يخفى، وهذا كله ما لم يترتب على ذلك أذية للمصلين وإذهاب لخشوعهم، فإن ترتب على دخول الأطفال واصطحابهم إلى المساجد أذية للمصلين وتشويش لم يجز اصطحابهم؛ رعاية لمصلحة المصلين، وسعيا لتحقيق الخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها، فإذا كان الأطفال غير منضبطين ويشوشون على الحاضرين، فإنه لا يجوز لأوليائهم أن يأتوا بهم إلى المساجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع آكل البصل من قربان المسجد، وعلل ذلك بأنه أذية، وقال: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان ـ فكل ما يؤذي المصلين فإنه لا يجوز فعله، وفي المدونة : “سُئِلَ مَالِكٌ عَن الصِّبْيَانِ يُؤْتَى بِهِمْ إلَى الْمَسَاجِدِ ؟ فَقَالَ : إنْ كَانَ لا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ، وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، قَالَ : وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ”[253/1] ، وقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: “إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَلا يَجُوزُ إحْضَارُهُ … فَالشَّرطُ فِي جَوَازِ إحْضَارِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إمَّا عَدَمُ عَبَثِهِ أَوْ كَوْنُهُ يَكُفُّ إذَا نُهِيَ عَنْ الْعَبَثِ، وَظَاهِرُ كَلامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْعَبَثِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ [مواهب الجليل: 115/2] .
وقد وصف أبو مالك الأشعري رضي الله عنه صفوف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “ويجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان” [مسند الإمام أحمد: 22911 ]. أي كان للأطفال مكان معروف في المسجد، ولعل في هذا تعويدهم على صلاة الجماعة، وقد أمر صلى الله عليه وسلم من يصلي معه جماعة أن يكون البالغون العقلاء منهم خلفه في الصف الأول ليعقلوا عنه صلاته، وليخلفوه في الإمامة، أو لينبهوه إذا سها ليرجع إلى قولهم، فقال، “ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم….” [رواه مسلم: 432].
وينبغي أن يكون أمر الأطفال بعدم الصلاة خلف الإمام بأسلوب لا يجرح مشاعرهم، أو ينفرهم من حضور الجماعات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد محمد الغرياني
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
9/رجب/1434هـ
2013/5/19م