طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

الاستثناء في تعليق يمين الطلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5757)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (ع)، حدثت بيني وبين زوجتي مشكلة، فقلت لها: (عليّ الطلاق بالثلاثة ما عاد تنامي في بيت أهلك) – وكانت العادة أن تبيت عندهم آخر كل أسبوع – فاعترضتْ عليّ، فقلتُ مستدركًا: (لين نرضى عليك)، والحال أنها لم تبِتْ في بيت أهلها بعد حلفي المذكور، والآن مرضتْ أمُّها، فهل ينفعني الاستثناء ولا أحنث في يميني إذا باتت عند أهلها حال رضاي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ الحلفَ بالطلاق هو من قَبِيل الطلاق المعلَّق، وهو لا يقع إلَّا بوقوع الأمر الذي عُلِّق عليه؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: “إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيهِ شَيْءٌ” [صحيح البخاري:7/45].

وطلاق الثلاث في كلمة واحدة يلزمُ منه الثلاث، ويعدّ بينونة كبرى؛ لأنَّ عامّة العلماء من المذاهب الأربعة المشهورة وغيرها، على أنّ طلاق الثلاث في كلمة واحدة؛ يلزمُ منه الثلاث، وحكى كثيرٌ من العلماء الإجماعَ على ذلك، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ” [الجامع لأحكام القرآن: 3/129].

وأمّا استدراكُ الزوج على كلامه واستثناؤُه بقوله: (لين نرضَى عليك)، فإنه لا يفيده؛ لوجود فصل بين حلفه واستثنائه، فمن شروط إفادة الاستثناء في اليمين اتصالُه بالمستثنى منه، قال خليل رحمه الله مبيّنًا شروط إفادة الاستثناء: “إنْ اتَّصَلَ إلَّا لِعَارِضٍ وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ وَقَصَدَ وَنَطَقَ بِهِ” [المختصر: 82]، وفي تهذيب المدونة: “وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الاِسْتِثْنَاءِ وَالْيَمِينِ صُمَاتٌ فَلَا ثُنْيَا لَهُ” [2/99].

وعليه؛ فإن كان الأمر كما جاء في السؤال، فالطلاق غير واقع إلى حدّ ورود السؤال؛ لعدم وقوع المعلق عليه، وهو مبيت الزوجة في بيت أهلها كما قال السائل، وعليها الحذر من ذلك؛ لأنها بمبيتها فيه يقع عليها الطلاق ثلاثًا، وتبين من زوجها بينونةً كبرى، لا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره نكاح رغبة، ثم يطلقها أو يموت عنها؛ لقوله تعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ ‌تَنكِحَ ‌زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ) [البقرة: 230]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28// صفر// 1446هـ

01// 09// 2024م 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق