الانتقال من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3694)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا المحاميّة (س)، أسأل عن حكم الشّرع في قضية لموكلتي، حيث سافرَتْ بدون إذن زوجها، فقال لها: (إن لم ترجعي غدًا فأنتِ طالق)، فتعذّر عليها الرّجوع في اليوم التّالي، ورجعت بعد ذلك، ثـمّ بعد مدّة توفي الزّوج، فما حكم الطّلاق؟ وهل تعتدّ الزّوجة عدّة وفاة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الطّلاق المعلّق على شيء يقعُ إذا وقع المعلَّق عليه، عند جماهير أهل العلم، من المذاهب الأربعة وغيرها؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طلّق رجلٌ امرأته البتّة إن خرجت، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن خرجتْ، فقد بتّت منه، وإن لم تخرج، فليس عليه شيء” [البخاري:7/45].
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذُكر في السؤال، فإنّ الطلاق قد وقعَ بمجرّد مرور اليوم الذي علّق عليه الزوج الطلاق، ولم ترجع فيه الزوجة، وتدخلُ الزوجة في عدة الطلاق، وأمّا عدّة الوفاة فإن كان الطّلاق رجعيّا – وهو ما يظهر من الصيغة الواردة في السؤال إن لم تكن الطلقة ثالثة – وكان الزّوج قد توفّي ولا تزال الزّوجة في عدّة الطّلاق الرجعي؛ فإنّها تنتقل إلى عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا إن لم تكن حاملا، وإلا فبوضع حملها؛ لأن المعتدّة من الطّلاق الرجعيّ هي في حكم الزّوجة، وإن كان الطّلاق بائنًا؛ بأن انقضت عدة الرجعيّ قبل وفاته، أو كانت طلقة ثالثة، فلا عدّة وفاة عليها، ولا ميراثَ لها؛ لأنها بانتْ منه، قال الشّيخ الدّردير رحمه الله: “(وَإِنْ) كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) فَتُنْقَلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، بِخِلَافِ الْبَائِنِ يَمُوتُ مُطَلِّقُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقِهَا”[الشرح الكبير:2/475]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبي
04/ربيع الآخر/1440هـ
11/12/2018م