طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

التأجير بالباطن في المحال والمتاجر المملوكة للدولة

تأجير المؤجَّر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4224)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

لدينا محلّ في سوق الذهب بطرابلس، استأجره والدنا رحمه الله من اللجنة الشعبية قديمًا، فقمنا منذ فترة بالتنازل عن منفعته لشخص آخر، مقابل مبلغ مالي، فهل فعلنا صحيح؟ وما الواجب في حقنا؟ علمًا بأننا قسمنا المال، ولم يبق إلا القليل.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإنه لا يجوز التأجير بالباطن في المحلات المملوكة للدولة، المتعاقد على عدم تأجيرها للغير، جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورة مؤتمره الرابع، بخصوص بدل الخلو ما يلي: رابعاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد، في أثناء مدة الإجارة، على التنازل عن بقية مدة العقد، لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية، على أنه في الإجارات الطويلة المدة، خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين، لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك، [قرار رقم (6) دع /08/88]. وقد جاء في نص عقد الانتفاع المرفق في مادته السابعة: (لا يحق للطرف الثاني تأجير المحل موضوع العقد أو التنازل عنه للغير)، والمعطى في السؤال هو والدكم رحمه الله ، وبعد وفاته الظاهر استمرار العقد لورثته، إلّا أن تفسخ الجهة المانحة العقد، أو تعطي المنفعة لغيرهم، عملا بالإذن العرفي في ذلك، قال الدردير رحمه الله – في معرض كلامه عن إقطاع السلطان الأرض للفلاحين-: “… يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَو نَائِبِهِ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ؛ وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ: بِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ، نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ” [الشرح الكبير على مختصر خليل: 2/189].

عليه؛ فلا يحلّ تأجير المحل بالباطن إلا بإذن من الجهة المختصة، واطلاعها على قدر الأجرة الباطنة (الخلو)؛ وإن تعارف عليه الناس؛ لأنه من الإعانة على أكل المال العام بالباطل، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وأما ما حصل من مال الإيجار، وقُسم واستُوفيت منفعته، فلا شك أنه مالٌ حرامٌ، يَتصدقُ بمثله كلُّ مَن أخذ شيئًا منه، في المصالح العامة؛ لكونه لا يستحقه شخصٌ بعينه، قال القرافي رحمه الله: “قَاعِدَةٌ – الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ مِنَ الْغُصُوبِ وَغَيْرِهَا إِذَا عُلِمَتْ أَرْبَابُهَا رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تصرف فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ …” [الذخيرة: 6/28]، ويجبُ فسخُ الإجارة الحاصلةِ الآن، ويردّ القليلُ الباقي لأربابه، إذا لم يستوفوا المنفعة، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//محرم//1442هـ

26/08/2020م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق