طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبةالوقف

التبرع بفتح طريق هو من قبيل الوقف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5893)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن ورثة (م) ورثنا عن والدنا قطعة أرض بمنطقة (عين زارة)، كان قد اشتراها عام 1992م، وكانت تحدُّنا من الجنوب مزرعة الحاج (ع)، وبعد وفاته اقترح ورثتُه على والدي عام 1998م، أن يتم فتح طريق في الحد الفاصل بين أرضنا وأرضهم، بحيث تُقْتَطَعُ أربعةُ أمتار من كل أرض لفتح هذه الطريق، غير أن والدنا لم يرغب بذلك واعتذر حينها، وقام ورثة (ع) بفتح الطريق من أرضهم، والآن بعد سنوات طوال، وبعد وفاة الوالد؛ رغبنا نحن الورثة باقتطاع أربعة أمتار من الحد الجنوبي لأرضنا، وضمها للطريق لتوسعتها، وإقامة مسجد في ناحية من الأرض، ولما شرعنا في إرجاع السور داخل أرضنا؛ جاء ورثة (ع) وأوقفوا العمل، واعترضوا بأنه لا يجوز لنا أن نفتح مدخلا على تلك الطريق أو نضمّ جزء من أرضنا إليها، وطلبوا منا شراء الطريق منهم بمبلغ كبير، فهل يحقُّ لهم الاعتراض على ما عزمنا عليه؟

علمًا أن هؤلاء الورثة قد باعوا جميع أراضيهم التي كانت مشرفة على هذه الطريق، وانتقلوا إلى مكان آخر، وليس هناك اعتراض من المُلَّاك الجدد، وقد اعتمدت البلدية هذه الطريق واعتبرتها مسارا داخليا لبلدية عين زارة، باعتباره يربط بين منطقتين.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ اقتطاع المرءِ جزءًا من أرضه، وفتحَها طريقًا لعامة المسلمين، تطوعا منه؛ يُعَدُّ من قبيل الوقف، ويشترط لتمامه حصول الحيازة، فإذا تمت حيازتها، بأن استعملها المسلمون واتخذوها طريقا لهم؛ فقد صح الوقف ولزم، وارتفع عنها ملك الواقف، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلَّا بِالْحِيَازَة، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117].

وعليه، فإن كان الحال كما ذُكر؛ فإنَّ اقتطاعَ ورثة الحاج (ع) جزءًا من أرضهم، وفتحَهُ طريقا لعامة المسلمين؛ وقفٌ صحيح منهم، قد لزم بحيازة المسلمين، واستعمالهم لها، واعتمادها طريقا رسمية لدى الجهات المختصة، فلا يجوز لهم الاعتراض على من رغب في توسعة هذه الطريق، باقتطاعه جزءًا من أرضه لضمه إليها، ولا بيعها بأخذ مال ممن أراد أن ينتفع بها؛ لانتقال الحق في الأرض إلى عامة المسلمين، ويجوز للمرء أن يتصرف في أرضه، بالتبرع منها لفتح طريق، أو ضمها لطريق سابقة، ما لم يترتب على ذلك ضرر لاحق بالطريق، أو بجيران الأرض الجدد، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

29//جمادى الآخرة//1446هـ

31//12//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق