بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3718)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن شركة (ص) للخدمات الطبية، نريد معرفة حكم الشرع في إبرام عقدٍ متضمنٍ شراءَ عددٍ من العمليات الجراحية، من مصحَّة معيَّنة، على أن تكون هذه العمليات محدَّدة، ثُمَّ نقوم نحن بتسويق هذه العمليات التي اشتريناها، وبيعها لمصرف الجمهورية، ليقوم المصرفُ بدوره بتسويق هذه العمليات، وعرضها على العملاء والزبائن، ليتمَّ بيعُها لهم عن طريق المرابحة الإسلامية، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا فرق بين المنافع والأعيان في جواز التعاقد عليها وبيعِها؛ قال اللخمي: “ومن اكتَرى منافعَ فله أن يبيعَها من غيره، والمنافعُ والرِّقابُ في ذلك سواءٌ” [التبصرة11/5162]، وقال ابن قدامة: “والمنافع بمنزلة الأعيان؛ لأنه يصحُّ تمليكُها في حال الحياة وبعد الموت، وتُضمَن باليد والإتلاف، ويكون عِوضُها عينًا ودينًا” [المغني:322/5[، وشراء منفعة العمليات الجراحية من هذا الباب، بشرط أن يُحدَّد الثمن، وتوصَف العملية الجراحية وصفًا دقيقًا، يرفع عنها الجهالة كليًّا، باتفاق واضح بين الطرفين، وبما أن المنفعة هنا مضمونةٌ في ذمّة الأجير لا معيَّنةٌ، وأن المنفعةَ لم يُشرَع في استيفائها؛ فيتعيّن للجوازِ أن تُعجِّل شركةُ صحتي دفعَ الثمن للمصحة؛ لأن تأخيرَ الشروعِ في استيفاءِ المنفعة وتأخيرَ دفعِ الثمن معًا، يفضي إلى تعمير ذمتين (ذمة المؤجِّر بالعملية وذمة المستأجر بالنقود)، وهو من ابتداء الدَّين بالدَّين المنهي عنه، فإذا ما عُجِّل الثمنُ جاز البيعُ؛ قال خليل: “وعُجّل … في منفعةٍ مضمونةٍ لم يُشرَع فيها” [المختصر: 204].
فإذا ما تم الشراء من قِبَل (شركة ص) بالطريقة آنفةِ الذكر، جاز للشركة بيعُها لجهة ممولة، ويجوز للجهة الممولة أن تشتريَ هذه المنافع، وتملِكَها بالفعل، ثم تبيعَها مرابحةً لعملائها بالتقسيط، بعد أن تتملكها بالفعل، كما تباع الأعيان، بشرط أن تجريَ المرابحةُ وفق الشروط الشرعية، وأن تكون للمصرف هيئةُ رِقابةٍ شرعية فعّالةٍ تراقبُ مراحل التعاقدِ إلى حين انتهائه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30/ ربيع الآخر/ 1440هـ
06/ 01/ 2019م