بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2521)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اشترى شخص بيتا، تحده أرض موقوفة، وبعد مدة اكتشف أن جزءا من البيت مبني على مساحة مقدارها (6X 11.5) من أرض الوقف، وأفاد التخطيط العمراني أن ثمت طريقًا عامة بعرض عشرة أمتار، تمر بأرض الوقف، وتفصله عن البيت، فنتج عن ذلك انفصال هذه القطعة مع البيت عن باقي أرض الوقف، مما يقلل فرصة الاستفادة منها، ويرغب مشتري البيت في شراء هذه القطعة من الأوقاف بالسعر الحالي، ولا مانع لدى مكتب الأوقاف في بيعها له؛ لحاجته لإكمال بناء العقارات بأرض الوقف، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما قام به باني البيت من التصرف في أرض الوقف بالبناء والتغيير فعل محرم شرعًا؛ لقول الله تعالى: )فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ( [البقرة:180].
فالواجب على المشتري الآن رفع يده عن أرض الوقف، ثم إن كان البناء المقام على أرض الوقف فيه منفعة له، ووافق شرط الواقف، وأمكن فصله عن باقي البيت، ترك البناء المقام عليها، وأُعطي المشتري قيمة البناء منقوضًا، وإن لم يكن في بقائه مصلحة للوقف، أو خالف شرط الواقف، فيجب إخلاء الأرض الموقوفة، وإزالة البناء، ولا يكون شريكًا للوقف بالبناء؛ لأنه من بيع الحبس، وهو محرم، قال سحنون رحمه الله: “من اشترى قاعة فبناها، ثم ثبت أنها حبس، فإنه بخلاف من بنى بشبهة، هذا يقلع نقضه؛ إذ ليس ثَمَّ من يعطيه قيمة بنائه” [التاج والإكليل:351/7].
وسئل مطرف رحمه الله، عمن بنى مسجدًا، وصلى فيه نحو السنتين، ثم باعه ممن نقضه، أو بناه بيتا، أو تصدق به، فقال: “يفسخ ما فعل، ويرد إلى ما كان عليه مسجدا، وهو كالحبس لله، لا يجوز بيعه، ولا تحويله، وللباني نقض بنائه، وإن شاء فليحتسِبْ في تركه، وإن أراد نقضه، فأعطاه محتسب قيمته مقلوعا، ليقره للمسجد، أجبر الباني على ذلك إلا ما لا حاجة به منه، فلا بد من نقضه، فيترك كذلك” [مواهب الجليل:46/6]، ويرجع المشتري للبيت على البائع بقيمة ما نقص من البيت بسبب ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
15/ذو القعدة/1436هـ
30/أغسطس/2015م