بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1835)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا المواطنة: (س)، كنت مقيمة مع زوجي: (ص)، على ما يرضي الله سبحانه، وقد ظهرت عليه أعراض مرض (الزهايمر)، وكانت تحدث بيني وبين إخوته مشاكل؛ ولكني لم أتركه، حتى حصلت مشلكة كبيرة بيني وبين إخوته، بسبب كلام يسيء إلى سمعتي وشرفي، فتركت بيت الزوجية، ولم أكن أريد ذلك، وحاولت الاتصال بزوجي؛ ولكن دون جدوى، ثم ساءت حالته الصحية، فقام شقيقه بالحجر عليه، وطلقني منه عن طريق المحكمة، بدعوى أنه طلاق بالتراضي؛ لأنني رفضت الرجوع إلى البيت، وهي دعوى باطلة، وكان إيقاع الطلاق بتاريخ: 2013/6/17، ثم توفي زوجي في 2014/1/14، والأمر الآن ملتبس عليَّ؛ هل أنا مطلقة، أم أرملة تجب عليَّ عدّة وفاة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز لولىٍّ أن يطلِّق عن السفيه والمجنون ومن كان في حكمهما، إلا بعوض تدفعه الزوجة (الخلع)؛ لأن تصرف الولي عنهم مقيد بالمصلحة، ولا مصلحة للسفيه ومن كان في حكمه في التطليق عليه دون عوض؛ بل في الطلاق عليه إضرار؛ لترتب تبعات الطلاق عليه؛ من مهر، ونفقة، وغير ذلك، قال الدردير رحمه الله: “وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُطَلِّقَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِمَا – أي: الصغير والمجنون – بِغَيْرِ عِوَضٍ” [الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي:352/2].
وأجاز اللخمي الطلاق عليه – أي: السفيه – بلا عوض، بشرط تحقق المصلحة له، قال رحمه الله: “وقد يكون في بقاء العصمة فساد عليه، وقد يظهر بعد العقد ما لو علمه الأب والوصي لم يزوجه إياها، أو يحدث منها ما يكون الفراق صوابا، فقد تكون الزوجة غير محمودة الطريقة، أو تكون متلفة لحال دارها، فيطلق عليه بغير عوض يؤخذ له” [التبصرة:2550/5-2550]، وقال التسولي: “نعم إذا كان الطلاق عليه – أي الصغير – من أصله غير نظر، فلا يمضي عليه حينئذ، فالنظر لا بدّ منه على هذا في الطلاق والخلع معًا” [البهجة في شرح التحفة:580/1].
فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، فإن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وتعتبرين قد طُلِّقت من زوجك، وعليك عدة طلاق، تبدأ من يوم صدور حكم الطلاق من القاضي، وعليه؛ فإن عدّتك قد انتهت، على ما هو مذكور في السؤال، ولك الميراث؛ لأنك قد طُلِّقت في مرض وفاة زوجك، وقد قضى بذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه، ففي الموطأ: (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) [الموطأ:1189]، وفي المنتقى: “قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ كُلَّ مَرَضٍ يُقْعِدُ صَاحِبَهُ عَنْ الدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ، وَإِنْ كَانَ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا، أَوْ فَالِجًا، فَإِنَّهُ يُحْجَبُ فِيهِ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ طَلَّقَ فِيهِ زَوْجَتَهُ وَرِثَتْهُ” [المنتقى:85/4]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16/جمادى الأولى/1435هـ
2014/3/17م