حكم بطاقة الفيزا من مصرف الصحاري
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2082)
السادة/ رئيس مجلس إدارة مصرف الصحاري.
السيد/ الـمدير العـــــام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فبعد الاطلاع على الشروط والأحكام الخاصة ببطاقات الخصم المباشر (فيزا) الصادرة عن مصرفكم الموقر، تبيَّن أنها متضمنة لجملة من المحاذير الشرعية الواجب على المصرف استدراكها وتعديلها، حتى يصح له التعامل بهذه البطاقات، وهي كالتالي:
جاء في المادة (8): (في حال كشف الحساب المرتبط بالبطاقة لأي سبب (لم يكن في حساب البطاقة رصيد كاف للوفاء باستخدام البطاقة)، يلتزم صاحب البطاقة بسداد هذا الرصيد فورًا، بالإضافة إلى أي قيمة يحددها المصرف، وفي حال عدم السداد يصرح صاحب البطاقة للمصرف بالتنفيذ والخصم، على أي حسابات دائنة، أو ضمانات باسمه في المصرف، كالودائع أو حسابات التوفير أو غيرها، سواء كانت بالفرع المصدر للبطاقة، أو أي فرع آخر، بدون إخطاره، أو إنذاره، أو إعذاره، أو الحصول على موافقة منه بذلك).
وفيها فرض المصرف لفائدة على العميل عند استعمال البطاقة، بقيمة أكثر من رصيد الحساب الجاري، وهو ما يسمى بـ(السحب على المكشوف، أو كشف الحساب)، وهي في الواقع عملية إقراض من المصرف لحامل البطاقة، والقرض إذا جرَّ منفعة – وهي الفائدة هنا – للمقرض كان من الربا المحرم شرعًا.
وعلى المصرف حذف هذا الشرط، ومعاملة انكشاف الحساب على أنه قرض حسن، لا يستحق المصرف عليه أي فائدة.
جاء في المادة (12): (كافة استخدامات البطاقة داخل ليبيا بالدينار الليبي، ويتم خصمها فورًا من رصيد البطاقة، أمَّا كافة استخدامات البطاقة خارج ليبيا فيتم تقييمها بالدينار الليبي، مع التزام صاحب البطاقة بفروق الأسعار، الناتجة عن التقييم والعمولات المقررة، التي يحددها المصرف).
إذا كان رصيد الحساب الجاري بالعملة المحلية، كما هو الحال في هذه البطاقة (مسبقة الدفع)، فإن استعمال العميل للبطاقة في شراء سلعة بعملة أجنبية يتضمن عمليتين؛ الأولى: صرف العملة المحلية إلى الأجنبية، والثانية: سداد قيمة السلعة.
وإذا كان الأمر كذلك، فالواجب على المصرف أن يجري عملية التقييم بتاريخ استخدام البطاقة، وتعبير المادة بــ(التزام صاحب البطاقة بفروق الأسعار الناتجة عن التقييم والعمولات المقررة التي يحددها المصرف)، يشعر بأنَّ التقييم يتأخر إلى حين ورود الحركة، أو إلى وقت آخر، وهو من الصرف المؤخر المعدود من أنواع الربا؛ روى البخاري ومسلم عن أبي المنهال قال: “سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما عن الصرف، فكلاهما يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينًا”.
وإذا أراد المصرف تقييم العملية بتاريخ ورود الحركة دون إتمام عملية الصرف، فإنها حينئذ تكون عملية إقراض منه للعميل، وتنتقل البطاقة حينئذ من بطاقة (مسبقة الدفع) إلى بطاقة (ائتمان)، فلا يجوز للمصرف أن يأخذ أجرة على هذه الخدمات التي يقدمها، وإنما يقتصر على التكلفة الفعلية فقط، حتى لا يكون ذلك قرضًا جر نفعًا للمقرض، والله أعلم.
جاء في المادة (15): (يحق للمصرف إيقاف استخدام البطاقة، أو إلغائها في أي وقت، دون إبداء أسباب، ودون إخطار صاحب البطاقة).
وفيها حق المصرف في إيقاف البطاقة وإلغائها في أي وقت، ودون سبب، ودون موافقة العميل صاحب البطاقة، وهو من الشروط التعسفية التي لا يمكن للعميل الموافقة عليها في الأحوال الطبيعية، لولا حاجته للبطاقة، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
وعلى المصرف تقييد هذه المادة، بأن يكون الإلغاء لسبب وجيه، كإساءة استعماله للبطاقة، أو مخالفة الشروط.
جاء في المادة (27): (يلتزم صاحب البطاقة بالتعليمات التي تصدرها شركة (visa)، وما يطرأ عليها من تغيرات وتعديلات تجريها الشركة المعنية، كجزء لا يتجزأ من التزاماته الواردة بهذه الشروط).
الواجب تقييد هذه المادة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
جاء في المادة (29): (يخضع هذا العقد وما تضمنه من شروط وتعهدات للقوانين الليبية، وأي نزاع ينشأ حول تفسيره، أو تنفيذه يكون النظر فيه لمحاكم المدن الليبية بجميع درجاتها).
الواجب تقييد هذه المادة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
جاء في المادة (30): (يحتفظ المصرف بحقه في تعديل وتغيير هذه الشروط والأحكام من وقت لآخر، دون الحاجة إلى موافقة صاحب البطاقة، ويقوم المصرف بإخطاره بأي تعديل بالطريقة التي يراها مناسبة، كما تعتبر التعديلات المدخلة على هذه الشروط جزءًا لا يتجزأ منها، دون الحاجة إلى موافقة كتابية من صاحب البطاقة).
يعد عقد البطاقة المصرفية من عقود الإجارة، وهو عقد لازم، لا يجوز لأحد الطرفين إلغاؤه أو تعديله دون موافقة الطرف الآخر، وعليه؛ فعلى المصرف تقييد هذه المادة بإخطار حامل البطاقة بهذه التعديلات، ومنحه مدة بعده، فإن استعمل البطاقة بعده يعد إقرارًا منه بالموافقة على التعديلات.
والواجب تعديل المادة على النحو التالي:
(للمصرف تعديل هذه الشروط والأحكام من وقت لآخر، بشرط الإعلان عن هذه التعديلات في وسائل الإعلان المختلفة في المصرف، قبل التعامل بها بمدة أسبوعين على الأقل، ويعد العميل موافقًا عليها إذا استعمل البطاقة بعدها، دون أن يبدي اعتراضه على ذلك)، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
غيث بن محمود الفاخري
نادر السنوسي العمراني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11/المحرم/1436هـ
2014/11/04م