طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالبيعالغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

التعويض فيما نزعت ملكيته من قبل الدولة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5430)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نملك قطعة أرض في منطقة الحميدية بتاجوراء، وقعت ضمن المخطط العام، وفُتِح مسار الطريق خلالها منذ عام 2006م، ولم يتم تعويضنا حتى وقتنا الحاضر، والآن بدأ العمل على إنجاز الطريق، فعارضْنا ذلك، وطالبْنا بالتعويض، لكن لم تتوقف الشركة المنفذة والمجلسُ البلدي، فما حكم الشرع في هذه المسألة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه لا يجوزُ للدولة أخذُ شيءٍ من أملاك الناسِ بغير وجهِ حقّ، كما لا يحق لها إجبارُهم على بيعها لغير ضرورةٍ، ومصلحةٍ عامّة ملحةٍ، قال الله تعالى: ‌﴿‌وَلَا ‌تَأْكُلُوا ‌أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، فإذا وُجدت المصلحةُ، وكانت عامةً ملحةً، جاز للدولة أخذُ أملاك الناسِ مقابلَ تعويضِهم بثمنِ الوقت، وذلك بإبرام عقدِ بيعٍ بين الدولة والمالك.

وإذا أُبْرِم عقد البيعِ بين الطرفين، ورضي المالكُ به، وكان بثمنِ الوقت، لم يجُزْ للمالك أن يطالبَ بشيء بعد ذلك حتى لو غلت الأملاك وارتفعت أسعارها فيما بعد، أما إذا كان العوضُ المدفوع أقل من ثمن الوقت وقتَ أخذ الأرض منه، ولم يرضَ به المالك حينها، أو لم تَدفع له الدولة شيئًا على الإطلاق، ففعلُ الدولةِ حينها تعَدٍّ وغصبٌ، لا يثبتُ به حقّ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْق ظَالِم حَقٌّ) [أبوداود:3075]، وقال صلى الله عليه وسلم: (‌مَنِ ‌اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ) [مسلم:1610]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي: 11545].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، وأن صاحب الأرض فعلا لم يأخذ عنها عوضا وقت أخذها منه، فلا يجوز للمجلس البلدي ولا للقائمين على فتح المسارات، أخذُ شيءٍ من الأراضي الواقعة في مسار الطريق، إلا بعد تعويضِ مُلاكها، ويجب أن يكون التعويض بسعر الوقت، والعقوبةُ المتوعد بها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌مَنِ ‌اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِن سَبْعِ أَرَضِينَ)، واقعةٌ على الآمرِ من المسؤولينَ بتنفيذ هذه المشاريع، وعلى المباشرين المسؤولين على فتحِ المسارات، فالآمرُ والمباشرُ شريكان، ولا يستطيع المباشرُ أن يقول أنا عبد مأمور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المـَعْرُوفِ) [مسلم:1840]، فيجب على القائمين على فتح المسارات الكفُّ، حتى يتحققوا من أنَّ أصحاب الأملاك قبضوا تعويضاتهم بسعر الوقتِ، دونَ بخس، ومِن حقّ المالك الذي لم يعوض، المطالبةُ بحقه في التعويض، واتباع السبلِ القانونية للحصول عليه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//جمادى الآخرة//1445هـ

19//12//2023م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق